الخميس، 1 ديسمبر 2011

انـتـخابـات 25 نــونـبـر .. أي سيـنـاريـو مـرتقب في ظــل دستـور جـديد ..!؟ - الحلقة الثامنة عشرة من عـمـود "ضد التيار" - محمد بوشيخة

قـد يتكـهن الـمرء ليـضـع تصـوراتٍ في هـذا الـميدان أو ذاك، غيـر أنه في الـمـجال السياسي يتـعذر عليه الأمـر، وتختلط لديه السيناريوهات التي يمكن أن ترسمَـها المرحلةُ السياسيةُ المقبلةُ.
أولا؛ لأن الفـعلَ السياسي في المغرب انـعرج عـن مساره الطبيعي، ولم يـعـد الـفـاعـلُ فيه تهـمه المبادئ أو القيم التي تحرك حـزبَـهُ، ويظل يلهث خلف مـا يحسم أمـرَ فــوزه بأحـد كـراسي الدولة، وهـو مـا نُعِـتَ في الحقل السياسي المغربي بـالـتّـرحال السياسي (تْـبْـدالْ الفِستة)، في شكل مفضوح و سـافر يدركـه الشعبُ المغربي عـامة.
ثانيا؛ وإنْ أرادَ المـتتبـعُ للتحولات السياسية التي يشهدها الوطنُ إبّـان هذا الـحراك الـعربي تصديـقَ الـكـثيـر من الخطابـات الـحزبية، على لسان هذا الأمين أو ذاك الولي لاعـترتـه عـدة مـفـارِقـات، تكشف عـنها شروخاتُ الحزبِ نفسِـهِ؛ إذ كـيـف بالـعـديـد من الأحزاب وهي تنادي بدَمقـرطة الفعل السياسي وتحديـثِـه، تتقـدّمُ لـوائـحَـها الانتخابيةَ المقبلةَ نفسُ الأسماء، وإن غاب بعضُـها فالأبناء والزوجات والإخـوان في الكفاية، ويكفي الـصـراعُ الـمحـتَـدَمُ دلـيلا في إحدى الـمدن المغربية عـن زوجـةِ مَـنْ مِـنَ المسؤولين تتصـدّر اللائحةَ النسائيةَ، كـمـا التدليس المفضوح الذي مـارسته إحـدى القيادات بأن تجـعل ابـنَـهـا ضمن الرتب الأولـى في قائمة اللائحة الشبابية، ومَـنْ مِنَ النساء والشباب يستطيع الـمعارضة في كلتا الحالـتَـيْـن، وهـنّ كما هــم في حـاجـةٍ لـتـزكية الـولـي (=الصـالح !؟).
ثـالثـاً: كيف نبغي مـن المـواطن أن يثـق في بـرامج الأحزاب، المختلفة عـبارات، الموحـدة مضـامين .. قد لا تـؤاخـذ – من جانب آخـر – عـن ذلك؛ لأن الـمـغربَ واحـد، ومشـاكـله واحدة، لكن أن يزعـم بعضُ أولياء الأحزاب أن السحر الذي بـحـوزتهم لا يملكه الآخـرون، وأنّ بـإمكـانهم إخـراجَ الـمغـرب من أزْمـاتـه الـراهـنة فـأمــر يدعـو للخجـل، هنا تسـاءل أحـد الـمواطنين إن كـان ذلك ممكنـا، وتـملكون من المَـقـدُراتِ مـا سيغـيّـر الوطن إلى الأحسن أيــن غـبـتُم لـمّا صــرخ الـمعطلون في مسلسلٍ طـويـل، مكـانه كل المدن المغربية، وزمـانه الـولاية البرلمـانية كلهـا، ولم تقـدمـوا إلا الـوعـود الكـاذبة، ولم يُـجـابَــه الـمنتفضـون إلا بعصـا الـمخزن.
كيف نـريد من الـمواطـن أن ينسى السياساتِ الفاشلةَ في هذه الـحكـومة القريب أجـل وضعـها مفـاتيح تسيير البلد، أو اللـواتي سبقتها؛ لأن الـمغرب لم يشهـد تـحوّلاً حقيقيا في ميادين كـثيـرة، وظـل التعليم، كما الصحة والتشغيـل ثم الصناعة ... ترزح في نفس الـمشـاكـل؛ حيث الـمقيـاسُ ليس بالاتفـاقيات والبرامـج والمخططات؛ إنما بمعايشة الـواقـع، وتردي ميدان التطبيب ثم فشل التعليم يكفيان حـجـة عن رُزمـة الإصـلاحـات التي شهـداهـا وبقـيا يعـرجان في وَسْــط الطريــق.
غـيـابُ الثـقـة فـي الـبرامـج يوازيـه غيابهـا في الشخوص، يحكي لي أحـد سائقي سيارة الأجـرة الصغيرة بحسرة كبيرة عن أحد الـمرشحين في إحـدى الـمدن، أنــه للتـوِّ أغـلق مَـعْمَـلين أو شركتين وسـرّح عـديدا من الـعـمالِ - يضيف – مـاذا ننتـظـر من مـثل هـذا الـمرشـح (إذا فـاز) غـير تسـريـح كـلَّ مَـنْ صـوتـوا عليه بتـواطـؤ أو بدون عـلمٍ منهم بـأموره وسـرائره – تسريحهم – إلى قـاعة انتـظـار الـمـشاريـع والتنميـة مـدة الـولايـة التي تكلّـف فيـها بمسؤولية خـدمة الـمواطنين.
تحـصُـل الحملةُ الانتـخابيةُ الحالية فـي نـوع من الـتـوجّس والـحذر، و إن تبدو لدى بعض الأحـزاب الثقة في احـتلال رتبةٍ متميـزة في السيناريو السياسي الـمرتقب؛ لأنـها تعي مـقـدارَ الأصوات التي تنخـرط في حـزبِـها أو مـقدار الأسَـر التي تنتفـع بفـوزهـا؛ إن بشـكل مبـاشر أو في شكل الاهـتمـام الزائـد بالمـدينة التي ينتمي إليـها أحـدُ الـمرشحين.
اخـتلاطُ الأوراق لدى الـمواطن الـمغربي عـند تتبعـه للـمشهـد السياسي الـحالي، بسبب النقط الـمشـار إليـها سلفـاً، تـزيـده ارتـبـاكـاً التحـالفـات التي تـمّت بشـكل غـير مُـنتَـظـر، ولا مـرتّـب لـه، وإن كـان المـغربي غير مهتم بالشـأن السياسي بالقـدر الذي يجعله يفـهم مثلَ هذه اللعب السياسوية، فـهو قـادر أن يستـوعبَ على الأقـل طاجـين الثـمانية، ويـدرك أنه قـلّـما تـجتـمـع الكـثير من الخـضر في الأكـلة الـواحـدة، وإن حصـل فـانتـظر التـخـمة .. و معلوم أن التخمة السياسية أفـظـع من البطنية (=البطن).
الـتحـالفـاتُُ التي تـمـت في الـظـل، كـما أربكت الـمواطنين، أربكت بعضَ الأحزاب غير المنخرطة فيها، ولسنا هنا بصدد الإيـماء أنـها استهـدفت جـهة بعينـها، يقـيـنا منـا بكونـها إنـما تبحث عن مصلحتـها الخاصة، وعمـا يُــبقيـها حية في ظـل هـذه (الخلبطة) السياسية الجديدة ليس إلا.
تـبـدو الصـورةُ الـمـرتقـبةُ للمـشـهد السيـاسي الـمـقبل غـامضة، ويبقى دستور فـاتــح يــوليـوز لأنـه الجديد في المرحلة الراهنة – مع مـا جوبـه بـه من انتقـادات من هذه الأطراف أو تلك -  هـو الكفيل بـضـمان مـغرب آخـر، أما إن لم تُـفـعّـل ديبـاجتُـهُ فـإننا سنـظــل نـحوم حـول نفس الدائـرة، و نـغـنّي نفس الأغنيـات القديمة.
...............
محمد بوشيخة
كاتب وصحفي من المغـرب
.................

نشر المقال في منابر ورقية قبل الانتخابات بأسـبوع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق