الخميس، 16 ديسمبر 2010

الـوجــهُ الآخــرُ لـقـضيةِ مصطفى ولـد سلـمى فــي ظِــلّ دبلومـاسيـةِ الـمـهـادنـةِ .. الحلقة العاشرة من عمود "ضد التيار".

يـستـغـربُ المـتـتبـعُ، برغـم وعيـه العـادي، لـمشهـدنـا الإعـلامـي وتحـركـاتِنـا التـعبويـة الاجتماعية النضالية، إبّـان ولحـدود السـاعة، كردود أفـعال عن اختطـافِ ثـم احـتجـازِ المناضلِ الصحراوي المغربي مصطفى ولد سلمى.
قبـل وعـند اختطـافِ المناضل مباشرةً ظهـرتْ تجـمعـاتٌ على ربوع المملكة .. تنديداتٌ هـنا وهناك، بحجـم قضيــةِ وحدتنا الترابية العادلة؛ لأجـلِ تمكينِ مصطفى من التعبير عن رأيه، من خلال إطلاق سراحه، وضمان حـياته، وهــو الــمُـحْـتَجـزُ على أرض الـجارة العـاقّة الجـزائـر، والمُـستَـنطَـقُ من قِــبَـلِ رؤسـائـه قـبـلاً؛ مَـنْ تـنـكّـروا لأصـولهم المغربية، ووطِــئـوا على القرارات الدولية، واستـهزأوا بـما تُصـدرُهُ المنظـمات الحقوقية عن الأوضاع المزرية في تلك المـخـيمات الـواهية.
أما مايحـوز في نـفس المواطن المغربي هو الانـفراجُ الذي حصـلَ في نفوس مسؤولينـا (= وزراء وبرلمانيون)، بُـعَـيْــدَ الإخـبارِ عـن إطـلاق سـراح مصطفى المكذوب والموهـوم .. أليس الأمــر دليـلاً عــن ضَـعْـفِ دبـلومـاسيـتِنـا ..؟؟، وقـد تـمـكّـن الخـبرُ من تهـدئـة كثيـرٍ مـن التـحــركات، حتى استـمـرّ – وللأسف – بـثّ الخـبرِ المكذوب عن إطلاق سراحه على شاشاتنـا مــدةً طـويـلةً .. أليس حـريّ بـدبلوماسيينـا اتخـاذَ الحيطة والـحذر، والابتـعاد عـن كـلام (النــية ؟؟؟) ..  غريبٌ أن يتحـدّث مسـؤول ويقـول فيـما معـناه: "صـدّقـنا الخـبرَ لأنـه من دولةٍ عـريقـةٍ ولهـا تـاريـخٌ"، وكـأنـه يــردّ الـصفْـعـاتِ التــي أتعـبتنـا تاريخـاً طــويلاً مِــنْ قِــبَـلِ الجـارة العاقّــة بـالقُـبَـلِ وعـلى الـرؤوس".
لـهـذا المسؤول أن يفعـلَ ذلك، وللذيـن يشـرفون على قنـواتنـا أن يسلـكوا خـطاه .. مصطفى ولد سلـمى مازال محتجـزاً ومقــدّمي برامـج القناة التي تفـرّقُـنا ( = بدل قولهـم أنهـا تجمعـنا ؟؟) يستضيفـون في شكـلٍ مُـلْـفتٍ للنـظـر فنـانين جـزائريين، بـــالمثال (= استضـافةُ جزائري في برنامج "سْهرانْ مْعـاكْ الليلة"، وأغنية جزائرية من تقديم مغربية في برنامج "نْغْمة واتايْ" لحظة تكريم إخوان مكري، واستضافة فنـانة تقدم وصفة غذائية مع صاحبة الشهيوات ... وزد وزد).
لـماذا هكـذا أطبـاق حلوية نقـدمـها وبـالمـجـان، المغربي ليس بلـيداً حتى تخـبروه أن الشعبين الجـاريْن (= الجزائري والمغربي) محِـبّيـن لبعـضهـما، وهـو ليس بالغباء الـمعـتَـقَـد حتى تسعـون بشـكلٍ مُـلْـتوٍ أن تُفـهِـمـوه أن الـجهـازَ العسكـري هو الذي من وراء تشكـيل جبهة العـار البوليساريو .. المغربي أفطـن بذلك، وهـو يريـد من المسؤولين أن ينتبهـوا لتحـركـاتهم وأن يُـعيـدوا النـظر في سيـاساتهم؛ التي عِـوضَ أن تَــمـضي بنـا قُـدُمـاً تـؤخـرنـا كثيـراً.
يكفـي أن الـمعـادلة، وقـد مـرّ أكــثـرُ من شهـر، لم يتـغـيـر منهـا شـيء (= مصطفى ولد سلمى مـايزال غـائبـاً عن الأنظـار، ولاتـواصـل تحـقـق معـه)، ونحـن مظـاهراتُـنـا خفـتَتْ، ولم تعـد أخبـارنـا يتـرأسُـها خـبرُ اختـطافِـه واحتجـازِه، كمـا تمـر هذه الأخبـار صبـاح مسـاء على الخـبر مرور الـمُـرتـاح عـن مصيـر الابـن البـارّ لوطـنه لـمّا استفـاق من غـفْـلتـه .. وكـأنهـا شوكـةُ إبـرةٍ تـملـك من السـحر مـا يُـغـذي نفـوسـاً ثـائرةً، ويجعـلهـا تتـراجـع عـن حمـاسهـا، أم أنهـا دبلوماسيتُهـم العسكريةُ المخـادعةُ ..؟؟، التي استطـاعت أن تربـح من الـوقت كـثـيرَهُ، وأن تمـتصّ من غضبِ الأصـواتِ الـخــارجيةِ – على نذرتهـا – وتتــرك لهـا فرصـة النـظـر فيـما حـلّ بهـا مـن خـطـر.
إن برلـمانيينـا وهـم خلف وزرائنـا، باعتبـارهـم جميعـاً مَـنْ يقف وراء تــحريـك الفـعلِ السيـاسي، مطـالبون أكثـر من أيّ وقـتٍ مضى القـطـعَ مـع الكـثيـر من الممـارسات الدبلومـاسية غير النـاجعـة، والنظـر بعـمـق في قضـايـانا الوطنية العادلة، والدفـاع عنـها بـاستمـاتة، بــدل سيـاسة "بـالمْـهْـلْ راهْ غـادي تْـوصْـلْ" أو "اعتبـار أي مشكـل يتعـلق بوحدتنا الترابية فـرض كفـاية؛ إذا قـام به بعـضُهـم سقط عن البعض الآخـر".
مبـادرة الحـكم الذاتي التي أعلن عنهـا المغرب تجـسّـد إرادةً حقيقيـةً لإنهـاء الصـراع الـمُـفـتَعـل؛ الذي يـتـغـذّى عليه أعـداءُ وحـدتنا الترابية .. مبادرةٌ لاقـتْ تـرحيـباً واسعـاً داخـل وخـارج التراب الوطني، وأحدثت شَـرَخـاً واضـحاً في صفـوف قيـاديي الجـبهـة المـزعـومة؛ حتى وجـدوا أنفـسَهـم أمـام عقـوق الأبنـاء؛ الذين تشـبّعـوا مرغومين بـدايـةً بـكـلّ مـايكـيـلُ لـوطـننا الـعداءَ والـحِـقـدَ الـدّفيـنَ .. مبـادرةٌ تشـكّـل – وهي في أفْــق تطبيق الجهوية المـوسّـعة – صـورةً ديـمقراطيةً تـخـوّل لأبـناء صـحرائنـا فـضـاءً أوســعَ للتسييــر الـذاتـي.

محمد بوشيخة
mljabri1979@hotmail.com
 نُــشر بجريدة "عيون الجنوب"، عدد: 20، نونبر 2010م.