الأحد، 27 مارس 2011

الـثـورة والأفق الـجديد ..!! - الحلقة الرابعة عشرة من عمود "ضد التيار"


الـــثــورةُ والأفــقُ الــجديــدُ

في البـدء نشيـر أنه استـدعـانـا ونحن نبغي الكتابة في هذا الموضوع عـنوانــان: "الثورة والأفق الجديد" و "للشباب الكلمة"، اخترنـا الأول ليس لأنه الأكــثـر دِلالة، فهـما مـعا يوحيان بنفـس الأبعاد العميقة من جهة، ثم اعتبار أحدهـما صورة عن الآخـر من جهة ثانية؛ لأن الشباب هم عنوان الثورات الحالية، لا الشيوخ والكهول، مَـنْ يخـاف منهـا؛ لأنهم يخافون عن مناصبهم وكـراسيهـم.
لـمـاذا "الكلمة للشباب"؛ لأنه فـضّـل مذ مدة طويلة الابتعاد عن التنظيمات و التحزبات لدرجة أنه ابتعد حتى عن الانتخابات في هذا البلد أو ذاك؛ لأنه أدرى بمدى خـوائـها، وتشدقـها بشعـارات أقـوى منهـا، ثم لـما له من وعـي بات يتجـاوز به من عـلموه المبادئ والقيم في مدارسهم ولمـا بــلــغ درجة الانخراط والمشاركة همسوا في أذنَــيْــه " خْـلّـي اللّـي قْـرّاوْكْ اُو كْـبْـرْ مـنْـكْ امــثْـلُـوكْ".
متى كان تحمل المسؤولية والقدرة على اتـخـاذ الـقـرارات مرتبـطـا بالعمـر وظهـور الشيب على شُـعـيْـرات الـرأس، وما حال أبناء وزراء لم يتجـاوزوا العشرينيات، ولهم من المسؤوليات ومن الأسهم و الأموال مـا يُـقـعِـــدُهـم في الرتب الأولى من أغنياء هـذا البلد أو ذاك، أغنياء بلا شرعية ولا محاسبة تكشف من أين لـهم بذلــك ..؟؟.
حــلّ زمـن التغـيير دون رجعة؛ إلا بـالقطع مع مسبباتـه .. إلا بالتراجع عن سياسات خدمتْ أسـراً بعـيـنهـا، وجثمت على بقية الشعب.
في الموضوع الفائت لم نرغب أن نفـوّتَ على القارئ الكـريم الـحـفـرَ فيمـا لم يكن بعـيد المنـال؛ من تفتيتٍ لـما وراء ثورة تونس الـخضراء، موضحين في نوعٍ من الإجـمـال مسبباتهــا، ووقـتَـهـا لم يكن عندنـا أدنى شـك أن سيـلَ الغضب سيهـاجـر دون تأشيرات ولا انتظـارات لبلـدان هي شقيقـاتُ تونس في كـل أنـواع القهـر والبؤس وتجويــع الشعوب وتوسيــع مسـاحـات التراتبية.
ما حصل في مصر العربية كفيـل بأن يعـيـد مَـن اعـتقـدوا أن تونس استثـنـاء، وأنـها بــلـد صغـير سـهُـلَ فيه طـرد الطاغية، وتحصـيل تغيير على كافة الميادين .. أن يعـيدَهـم إلى صوابهـم، وإلى اعـتبار الـمـمـكن أقـوى مـن الـمستحيل.
مــصــر، تـلك البـلد التي اعـتـقـدنا ذات زمـان ليس ببعيد أن شعـبَـهـا طُـمِستْ عـقـولُـهُ لـمـا جُــوّعتْ بـطـونُـهُ، فيـما عُـرف بـأزمة الخبز، ولا تـحـرّك من مكـانه في نوع يـؤكـد غضبه، بـيّـن - الآن - في شكـل غير مسبوق خطـأ الاعـتقـاد، بل ووهْــمَ مَـنْ يـظـن أن صـداقـةَ الدولة العظمى كـافٍ بتوقيف عجلة الـزمـان، واستيراد النقود سيجعله بـمـأمَنٍ من الشرارة التي باندلاعـها تـأتي عليه وعلى الجـمل بـمـا حـمـل.
في الدول الأخـرى؛ التي تعيش غضـبـاً شعبيا لـمدة طويلة، ألــم تفـهـم حكـومـاتُـهـا أن ريـــاح التغيير إذا حـطـت ببلـد لـزِمـه الاسـتمـاع للأصـوات الـمـنـدّدة بكل أنواع الاستبداد، والشروع في الإصـلاحـات الحقيقية، بل ومـحـاسبة الـمـتورطين فيـما وصلت إليه الدولة؛ لأن الإيـمـان بأن البلد للجمــيــع، وأن هذا الجمـيـع، دون استثـنـاء، يُسهـم في بنـائه، لا يمكـن أن يخلق فجوات للحديث عن فوارق طبقية، لا تحدّهـا مسـافـات، لا و لا يدع مـجـالا لتفشي الفقـر والـرشوة وغياب الـمـحاسبة وانتشار المحسوبية و الزبونية، ثم توزيــع الـثروات بشكـل غير عـادل، وتـعـدد مهـام هذا البرلماني أو ذاك الوزير، ثم التناقضات الواضحة بين القول والفعل، وهلم ميوعـة في العديد من الخروقات الاجتماعية والسياسوية والاقتصادية.
في المـغرب، ثورة 20 فبراير، تــظــاهـر العديد من الشباب، سـاندتهم في ذلك بعض الأحزاب التي لم تـتـح لـهـا الفرصة في تمثيلية مـا، أما من خـولـتهـم الانتخـابات غير النـزيهـة تمثيل أقـاربهم، فقـد كـفـاهم عن الـتـظـاهر مـا ضخـوه من أمـوال ضخـمة، ومـا أرسوه من قـواعـد لشـركـات كـبرى، ومـا خلقـوه من منـاصب ممتدة للأبناء وأبناء الأعمام والأخوال والأصهـار، تكفي نـظرة سريعة في أسـمـاء وزرائـنا و ما يجمع بينها من قرابة دموية أو صهرية تأتيك الإجـابةُ، ولـمـن قـال إنهم أكـفـاء، لـذلك استحـقـوا كل ذلك؛ فـإن الأمـر فيه كـلام، مرتبط بمـا يـعـني: أَهُـم نخـبةُ أكـثــرَ من ثلاثين مليون مغربي ..؟؟، هـل باقي المغاربة ومن كل الأطياف لا يـوجـد منهـم من يستحق هذا المنصب أو يتحمل تلك المسؤولية ..؟؟.
الشباب فـطِـن لـــكيف تــوزع الثروة ..؟؟، وأين تذهب عـائدات الضرائب ..؟، ويكفيه مـا يعلمه من أمور تحتاج إعـادة النظر وبشكل سريع .. فـمـا معنى أن يتقـاضى برلماني ملايين كـأجرة شهرية، ووزير يضـاعف أجـر البرلماني مرتين ؟؟، لـمـاذا لا تكن عندنا المسؤوليات الكبرى تكليف لا يبحث عـنـها غير مُـحِـب للـوطـن، وبــاغِ خـدمـةَ شعـبٍ لا مُـلـتــوٍ على الكرسي؛ مسـتغـلٍّ كــل ما يأتي به من راتب وتعويض عن التنقـل والإعـفـاء من الضرائب ..؟؟، كيف نبغـي من مـواطـن بسيط ألا ييأس وهـو في الـشـارع بـلا شـغـل رغـم شهـادته، والضرائب تلاحـقُـه؛ في وقتٍ وزيـرٌ يتـقـاضى من جيوب دافعي الضرائب أجـرته الصاروخية؛ إلى جانب امتيازات أخرى من الأولـى أنهـا غير مستحـقـة؛ لأنهـا تعـويضات عن مَـهـمّــات، الأولى أنها من باب التكلف بالمسؤولية ونصيبها من نصيب الأجرة الشهرية.
.....................................
محمد بوشيخة
عيون الجنوب، العدد: 24، مارس 2011م