الخميس، 1 ديسمبر 2011

انـتـخابـات 25 نــونـبـر .. أي سيـنـاريـو مـرتقب في ظــل دستـور جـديد ..!؟ - الحلقة الثامنة عشرة من عـمـود "ضد التيار" - محمد بوشيخة

قـد يتكـهن الـمرء ليـضـع تصـوراتٍ في هـذا الـميدان أو ذاك، غيـر أنه في الـمـجال السياسي يتـعذر عليه الأمـر، وتختلط لديه السيناريوهات التي يمكن أن ترسمَـها المرحلةُ السياسيةُ المقبلةُ.
أولا؛ لأن الفـعلَ السياسي في المغرب انـعرج عـن مساره الطبيعي، ولم يـعـد الـفـاعـلُ فيه تهـمه المبادئ أو القيم التي تحرك حـزبَـهُ، ويظل يلهث خلف مـا يحسم أمـرَ فــوزه بأحـد كـراسي الدولة، وهـو مـا نُعِـتَ في الحقل السياسي المغربي بـالـتّـرحال السياسي (تْـبْـدالْ الفِستة)، في شكل مفضوح و سـافر يدركـه الشعبُ المغربي عـامة.
ثانيا؛ وإنْ أرادَ المـتتبـعُ للتحولات السياسية التي يشهدها الوطنُ إبّـان هذا الـحراك الـعربي تصديـقَ الـكـثيـر من الخطابـات الـحزبية، على لسان هذا الأمين أو ذاك الولي لاعـترتـه عـدة مـفـارِقـات، تكشف عـنها شروخاتُ الحزبِ نفسِـهِ؛ إذ كـيـف بالـعـديـد من الأحزاب وهي تنادي بدَمقـرطة الفعل السياسي وتحديـثِـه، تتقـدّمُ لـوائـحَـها الانتخابيةَ المقبلةَ نفسُ الأسماء، وإن غاب بعضُـها فالأبناء والزوجات والإخـوان في الكفاية، ويكفي الـصـراعُ الـمحـتَـدَمُ دلـيلا في إحدى الـمدن المغربية عـن زوجـةِ مَـنْ مِـنَ المسؤولين تتصـدّر اللائحةَ النسائيةَ، كـمـا التدليس المفضوح الذي مـارسته إحـدى القيادات بأن تجـعل ابـنَـهـا ضمن الرتب الأولـى في قائمة اللائحة الشبابية، ومَـنْ مِنَ النساء والشباب يستطيع الـمعارضة في كلتا الحالـتَـيْـن، وهـنّ كما هــم في حـاجـةٍ لـتـزكية الـولـي (=الصـالح !؟).
ثـالثـاً: كيف نبغي مـن المـواطن أن يثـق في بـرامج الأحزاب، المختلفة عـبارات، الموحـدة مضـامين .. قد لا تـؤاخـذ – من جانب آخـر – عـن ذلك؛ لأن الـمـغربَ واحـد، ومشـاكـله واحدة، لكن أن يزعـم بعضُ أولياء الأحزاب أن السحر الذي بـحـوزتهم لا يملكه الآخـرون، وأنّ بـإمكـانهم إخـراجَ الـمغـرب من أزْمـاتـه الـراهـنة فـأمــر يدعـو للخجـل، هنا تسـاءل أحـد الـمواطنين إن كـان ذلك ممكنـا، وتـملكون من المَـقـدُراتِ مـا سيغـيّـر الوطن إلى الأحسن أيــن غـبـتُم لـمّا صــرخ الـمعطلون في مسلسلٍ طـويـل، مكـانه كل المدن المغربية، وزمـانه الـولاية البرلمـانية كلهـا، ولم تقـدمـوا إلا الـوعـود الكـاذبة، ولم يُـجـابَــه الـمنتفضـون إلا بعصـا الـمخزن.
كيف نـريد من الـمواطـن أن ينسى السياساتِ الفاشلةَ في هذه الـحكـومة القريب أجـل وضعـها مفـاتيح تسيير البلد، أو اللـواتي سبقتها؛ لأن الـمغرب لم يشهـد تـحوّلاً حقيقيا في ميادين كـثيـرة، وظـل التعليم، كما الصحة والتشغيـل ثم الصناعة ... ترزح في نفس الـمشـاكـل؛ حيث الـمقيـاسُ ليس بالاتفـاقيات والبرامـج والمخططات؛ إنما بمعايشة الـواقـع، وتردي ميدان التطبيب ثم فشل التعليم يكفيان حـجـة عن رُزمـة الإصـلاحـات التي شهـداهـا وبقـيا يعـرجان في وَسْــط الطريــق.
غـيـابُ الثـقـة فـي الـبرامـج يوازيـه غيابهـا في الشخوص، يحكي لي أحـد سائقي سيارة الأجـرة الصغيرة بحسرة كبيرة عن أحد الـمرشحين في إحـدى الـمدن، أنــه للتـوِّ أغـلق مَـعْمَـلين أو شركتين وسـرّح عـديدا من الـعـمالِ - يضيف – مـاذا ننتـظـر من مـثل هـذا الـمرشـح (إذا فـاز) غـير تسـريـح كـلَّ مَـنْ صـوتـوا عليه بتـواطـؤ أو بدون عـلمٍ منهم بـأموره وسـرائره – تسريحهم – إلى قـاعة انتـظـار الـمـشاريـع والتنميـة مـدة الـولايـة التي تكلّـف فيـها بمسؤولية خـدمة الـمواطنين.
تحـصُـل الحملةُ الانتـخابيةُ الحالية فـي نـوع من الـتـوجّس والـحذر، و إن تبدو لدى بعض الأحـزاب الثقة في احـتلال رتبةٍ متميـزة في السيناريو السياسي الـمرتقب؛ لأنـها تعي مـقـدارَ الأصوات التي تنخـرط في حـزبِـها أو مـقدار الأسَـر التي تنتفـع بفـوزهـا؛ إن بشـكل مبـاشر أو في شكل الاهـتمـام الزائـد بالمـدينة التي ينتمي إليـها أحـدُ الـمرشحين.
اخـتلاطُ الأوراق لدى الـمواطن الـمغربي عـند تتبعـه للـمشهـد السياسي الـحالي، بسبب النقط الـمشـار إليـها سلفـاً، تـزيـده ارتـبـاكـاً التحـالفـات التي تـمّت بشـكل غـير مُـنتَـظـر، ولا مـرتّـب لـه، وإن كـان المـغربي غير مهتم بالشـأن السياسي بالقـدر الذي يجعله يفـهم مثلَ هذه اللعب السياسوية، فـهو قـادر أن يستـوعبَ على الأقـل طاجـين الثـمانية، ويـدرك أنه قـلّـما تـجتـمـع الكـثير من الخـضر في الأكـلة الـواحـدة، وإن حصـل فـانتـظر التـخـمة .. و معلوم أن التخمة السياسية أفـظـع من البطنية (=البطن).
الـتحـالفـاتُُ التي تـمـت في الـظـل، كـما أربكت الـمواطنين، أربكت بعضَ الأحزاب غير المنخرطة فيها، ولسنا هنا بصدد الإيـماء أنـها استهـدفت جـهة بعينـها، يقـيـنا منـا بكونـها إنـما تبحث عن مصلحتـها الخاصة، وعمـا يُــبقيـها حية في ظـل هـذه (الخلبطة) السياسية الجديدة ليس إلا.
تـبـدو الصـورةُ الـمـرتقـبةُ للمـشـهد السيـاسي الـمـقبل غـامضة، ويبقى دستور فـاتــح يــوليـوز لأنـه الجديد في المرحلة الراهنة – مع مـا جوبـه بـه من انتقـادات من هذه الأطراف أو تلك -  هـو الكفيل بـضـمان مـغرب آخـر، أما إن لم تُـفـعّـل ديبـاجتُـهُ فـإننا سنـظــل نـحوم حـول نفس الدائـرة، و نـغـنّي نفس الأغنيـات القديمة.
...............
محمد بوشيخة
كاتب وصحفي من المغـرب
.................

نشر المقال في منابر ورقية قبل الانتخابات بأسـبوع

أكـاديــر اداوتنـان – أوريــر .. حـارس الأمـن بالـثانوية الإعـدادية – الـموز يـتـعـرض لتعنيف في وجهه داخل المؤسسة من أجنبي عـنـهـا.


مـسـاء أول يـومٍ بعد عطلة عيد الأضـحى (16 نونـبر 2011م) ولـج أحـدُ الأشـخـاص الأجـانب عـن الـمؤسسة فضـاءهـا، بـاحثـا عن تلميذة يتـغزل بـهـا؛ ولأن حـارس الأمـن بالمؤسسة ضبطه متلبـسا، وحـاول ثـنيـه عن فـعـله، وألا عـلاقـة لـه بفـضاء الـمؤسسة، وهو لا يدرس بها؛ بل ولا تربطه أي صلة بـمـحيطـها، هـاجـمه بلـكمـات في وجهه، بعد أن رمـاه بسِــبـابٍ لا عهـد لفـضاء تـربوي بـمثـله، والشهادةُ الطبيةُ رفـقـتَـه (تتوفر الجريدة على نسخة منها) تـبـيّـن مدة الـعـجز بسبب الآلام التي أضرت بالـحـارس الأمني محند متوكل.
لـحظتـها؛ وبعد أن عَـلِـمَ الـجهـازُ الإداري بالأمر وقِـيـدَ المعتدي إلى أحـد مكاتبـه، تَــــمّ الاتـصال بالدرك الـملكي، ولـمّـا حضر دوّن محضره في النازلة، و تسجل ذات اللحظة أن شـرذمة من أمثال المعتدي أمام باب المؤسسة رمـوا سيارة الدرك الملكي بالحجارة؛ لأنهم حـملوا معهم الشخص المعتدي، مرددين "أنِ اتـركـــوه".
أساتذةُ الـموز نـظموا اليوم الموالي للحادثة (17 نونبر) وقـفـةً نددوا من خلالهـا بمـا حصل لحارس الأمن في شكلين نضالـيَـيْـن (صباحاً من 10 حتى 11 ومساءً من 16 حتى 17)، واعــتبروا ذلك تهديدا لأمن المؤسسة، وتحديا سـافرا لكل أطـرهـا وأن الجمـيـع قـد تـطـالـه يـد أمثال المعـتدي؛ إن لم يتم وضع حـد لهذا الأمر من قبل الجهـات المسؤولة ومـدّ المؤسسة بأعوان أمنيين إضافيين، وتمـنـيـع باب المؤسسة بألا يلج فضاءهـا غير الـتلاميذ والمشتغلين بهـا.
علمت الجريدة من الأساتذة الذين نظموا الوقفة أن بيانـاً سيصدر عن ذات الحـادثة، وسيكون مجرد بدايـة للفت انتباه المعنيين بالأمر لـخطورة الأمر، معتبرين أن السبَبَ الرئيسَ خلف هكذا انفلاتــات هو الاكتظاظ الذي تـرزح في المؤسسة المعنية.
هـذا وتجدر الإشـارة أن الـحادثـــةَ ليست سـابقة في مؤسسة الموز بأورير؛ إنـما ظـاهرة باتت روتيـناً يتنفسه التربــويــون كما الإداريـــون بـاسـتمـرار؛ إذ لا يـمر شهر إلا وتـصادفك حـالة تعنيف من قِــبَــلِ أجنبي وأحيانـاً من طرف أحـد التلاميذ، بل وعُــدّت سـاحةُ الـمؤسسة بـوّابـة لــتَــجـوال عديـدٍ من أمهـات وآبـاء التلاميذ.
ذ – محمد بوشيخة
كـاتب وصحفي من المغـرب
Boucheikha1979@yahoo.com

أوريــــر – السياسة العشوائية لــم تدع حتى الرمسـا (ramsa) - محمد بوشيخة

طيلةَ سنـةٍ لم أتلق ورقـة تسعيرة الـماء المستهلك من طرفي، من منزلي، ولـما لعـن الشيطـانَ المكلفُ بتوزيـــع الأوراق، رماهـا لي تحت بابي كـأنهـا طلقة نـارية، مبلغ يحـتـاج لـترتيب (= هكذا يحكي أحـد الـمتضررين).
ليس وحـده من يـعـاني من لامبالاة المسؤول عن توزيـــع الكشوفـات، حتى تجتمع ستة أشهـر أو أكثر، ليصعق صـاحب الدار أمام مستخلِص الـفاتورة لـما يخبره بثمـن الأشـهر المجموعـة.
أصلا يُــــوزّعَ استخـلاصُ الـماءِ على أربــع دورات حتى يستطيع ذوو الـدّخل المحدود، والذين لا دخل لهـم من تحضير أنفسهم، و توجيد المبلغ المرتفع كـل ثــلاثـة أشهـر، لا جمعهـا فـي نـــوع مـن الــلامبالاة التي ينهجهـا المكلف بـتــوزيــع الكشوفـات، معـتـبراً ذلــك "صْداعْ الـرّاسْ" = "ما فيه مـا يْدورْ على المنازل كل ثلاثة أشهر".
هـو موظـف عند ramsa وراتـبُـهُ يؤديـه المساكـين عـلقـمـاً مضـافـاً للمـاء الذي يشربـونه.
كفى عـدم مسؤولـية من هذا المكلف، و الأوريري لـن يلـتزم الصمت إذا استـمر هكـذا وضـع.
مـا بـالُـكِ أوريـر مستعصية على الفـهم في كـل أمـورك !!، ومـا بـالُـك عشـوائية في كـل شـيء !؟
........................
ذ – محمد بوشيخة
كـاتب وصحفي من المغـرب
Boucheikha1979@yahoo.com

الـــعُــريُ الــتـربــويُّ - الحلقة السابعة عشرة من عمود "ضد التيارّ - محمد بوشيخة

فـي المغرب لم يعد هناك مـا يُـضْـحِـكُ أو يُــفْـرحُ في مجـالِ التعليم، كما هـي الـحالُ طبعاً في قطاعات تُـنْـفَـقُ فيـهـا الـعديدُ من أمـوالِ الشعبِ.
كـلُّ الـقطاعـاتِ يـجـوز فيـهـا للـمرء أن يـمسـحَ بنـظرةٍ سريعـةٍ مـا يطالـها من اخـتراقاتٍ و تجـاوزاتٍ، و يكـشـفَ الـمستورَ سراعـاً دون تعـثر أو صعـوبة، ويـرد ذلك إلى جـهل هذا الباطرون أو ذاك وعدم وطنيته وجشعه وأنانيته العمياء.
أمـا أن يحصـلَ في قـطاع التعليم مـا يكشف كـلّ عـوْراتِ موظفيه، وهــو المعـوّل عليه تحقيقَ تـوازنـاتِ البلـد؛ إذْ أنه الـمصـدِّرُ لــــ(الكفـاءات) في كل الـمجالات، فـأمـر يبيـح استخدام كل الكلمـات حتى التي تخدش الـحياء في حـقّ هـذا النوع من المسؤوليـن / المحسوبين على التربية.
لم تعد الإدارةُ تُـمـارسُ حـيادَهـا، وتحـافظ على نـقائـها، وتُـبعـد كل مـا من شـأنه أن يـعـرّيـها، حتى بتنا نسـمع عن موظفٍ صغير يتحـكّــمُ في دواليب محكمةٍ عليا، وهو مجردُ كـاتبِ ضـبطٍ.
كذلك الأمـرُ يـحصـلُ مـــع الإدارة التربوية، فـعوض أن تُـحـتَـرمَ الـمسؤولياتُ، وكـل يلتزم سيـاقَ اشتغـاله، نـعايـنُ تبديـلَ الـــوِزْراتِ في شكل فـاضـحٍ وسـافـرٍ.
ليس الأمـر هنا مرتبطـاً بالتنقيلاتِ الـمجـانية التي أقـدمت عليهـا الجهاتُ خلال فترة العطلة، (= والمستفيدون من أهـل "العري التربوي")، إنـما مـا تحكيه شهـرزاد في ظـل "مدرسة النجاح" من جـعلِ المؤسسةِ التربويةِ إرثـاً خلفه الأجـداد، وأرضـاً يعثـو فيـها مَـنْ لا ضمـير يـحـرّكـه، ولا قيـم تضبط إسفـافـه.
أليس رئيس المؤسسة (= أي مؤسسة تربوية) مسؤولاً أولاً عن كل مـا تتخبط فيه إدارتُـهُ، ومـا يعـانيه تـلامذتُـهُ ..؟، بــل وقـادراً على قيـادة سفينـته، لا تركـها لـهذا الموظف الأستاذ أو ذاك يـرتبـون أمـورَهـا، ويسهرون فيما يخدم مصالحهم على سيرهـا.
أمـعـقولٌ أن تجد مكتباً لرئيس إدارة مفـاتيـحُـهُ موزعـة بين مَـنْ أحـبّـوا الاطـلاع على أسـرار موظفـيـها، و معاينةِ الصغيرةِ و الكبيرةِ، في تـجاوز فـاضـحٍ لمبدأ تحديد المهام وسرية المعلومات الشخصية لموظفي هذه الإدراة أو تلك ..؟.
واضـحٌ أنّ الـطـرفـيْـن بعـضـهمـا يخدم الآخـر، وكـلاهـمـا مستفيـدٌ من الوضـع الـقائم، لكن الموظفَ المسؤولَ لا يبغي من رئيسِـهِ إلا الـحزمَ والـدقّـةَ في كل الأمـور التربوية، وتخديم الـعقـل بدل الـعاطفة؛ لأن الـعاصفة لـما تحل تدمّـر كل شيء.
متى يحـق للموظف تـجاوز كل المساطـر الـقانونية؛ مبدعـاً في التخطيط لهذه المؤسسة أو تلك ولــو على جودة العملية التربويـة، ولـو فيـما يضـر من هـم يشاركونه هـمّ مستقبل أبناء الـوطـن ..؟؟.
كيف لا تضربُ الـــوزارةُ بيدٍ من حديدٍ (= وإنْ هي في حاجة لـمن يضربها أولاً بأيــاد أقوى من الحديد) في حقِّ كــلّ موظف لا يعنيه مصير أبناء آبـاء هم تحت عُهْـدتِـهِ؛ مستغلاّ في شكل سـافــر وضعيةَ جهلهم، مضيفاً لهم ساعات بتعويضاتٍ مادية، ليعلّمهم مـا هم أدوا ثمنه للدولة؛ في شكل طبخة تأخـذ من هذا لتعطي لـهذا ..؟؟.
إن تغليبَ المصالــح الضيقة يجني على رأسـمال المستقبل الوطني، ونكون حينها أمام شباب / تلاميذ الإسـفافُ سُـنّـتُـهم؛ أما تحملُ المسؤوليةِ ومعها خدمة الإدارة المغربية فسنصلي عليهما ذات زمانٍ قــريبٍ صـلاة الـجنازة.
نريد إقـلاعـاً بالإدارة التربوية؛ ومعها العمل التربوي، ويكفي جشعاً من هذا الموظف أو ذاك، من رأس هذه الـــوزارة أو تلك إلى أصـغر موظف فيها. وحسبُنا بالموظف الناجح هــو من يُـتـقنُ مهمته لا من يتجاوزها، وحسبنا أيضا بالـعمل الــتربوي ذاك اللصيـقُ بكل ما هـو أخلاقي والمرتبط بكل ما يخدم أطراف العملية التربوية؛ بمن فيها المتعلم والزميل المـوظـف، لا البحث عن فخـاخ تطيح بطرف مـا؛ فقط لأنه لا يشاطرني اللعب في المـاء الـعـكر.
......................
ذ – محمد بوشيخة
كـاتب وصحفي من المغـرب

سيدتـي "مدرسة الـنـجاح"، ألـم يـأتــك حديثُ عقوقِ الثانوية الإعـدادية – الموز بأوريــر - محمد بوشيخة

لـمـا تكـثـر الـمفاهيم التربوية، تغيبُ مـعـها المعاني الـدالة .. فميدان يعدّ نخاع المجتمع الشوكي لا يحتاج لكثير من المشاريع والبرامج حتى يحصل الإقـلاع الـحقيقي نحو الانـفراج، ولن يتأتى ذلك إلا إذا ابتعدنـا عـن الـحسابات السياسوية، والتي تخـدم جهات بعينها؛ بل أشـخاص محددين.
ظهر سيدنا "الميثاق"، وتوالت السنوات حتى بلغت من العمر عشرا، فما أفلح دواؤه، لتأتي سيدتنا "مدرسة النجاح" بمخططاتها الواضحة وشروط نجاحـها التي لا تقبل التأويل، فـاستدركوا بالمخطط الاستعجالي، ومع ذلك بقيت دار لقمان على حالهـا، رغم التصريحات والنداءات بأن تحسنـا قد حصل في نسبة النجاح وتمويت ظاهرة الهدر المدرسي، وهلم جرجرة من السمفونيات المعروفة التي يعزفونها.
ليس بعيدا؛ إذ بالمثال يتضح الوجه الحقيقي للعروس التي تستعين بكثير من المكياج وعديد من الألبسة الجديدة حتى تُــظهـر صورة ليست مخالفة لـمـا عليه العمق والـواقــع.
الثانوية الإعدادية – الموز – أورير، هذه السنة (2011م / 2012م) كما سابقاتها ترزح في اكتظاظ مهول ومفضوح، تختفي معه كل الشعارات التي ترسمها الوزارة الوصية، فكيف يُـعقل أن يحتضن فـصل خمسين تلميذا ؟؟، حالة لن تجدهـا، كما عبر عن ذلك أحد الأساتذة بالمؤسسة إلا في الحافلات؛ عِـلماً -يضيف- أن الحافلة يستعينُ فيها السائق بمساعـد (كريسون).
هذه الـحالة وأخـواتها اللواتي لا تلبس من رداء التربية غير الإسم تتخبط فيها هذه المؤسسة ؟؟.
كثر الحديث عن رغبة الجهات المعنية بناء مؤسسة إعـدادية إضافية، وتلا ذلك نـقـاش عن غياب الأرضية الصالحة لذلك، وزد من الكلام السياسوي الذي لا يفهم فيه التلميذ شيئا، ويبقى هو الضحية الأولى والأخيرة، إلى جانب التربوي / المدرس؛ الذي يجد نفسه بين المطرقة والسندان، بين كثرة البرامج / المخططات و الواقع المر / الحقيقي.
كلهـا أمور خلفت نقاشا حـادا لحظة بداية هذا الموسم الدراسي؛ ولأنه لم ينته بنتيجة على ما ظـهـر، عـبّـر البعض / الغاضب عن استيائه من الوضع، ورغبته في بداية السنة مقاطعة الدروس حتى الالتفات للأمـر، و تحيين حـلٍّ واقعي ومنطقي، يمكنه خلق جـو يستطيع فيه الأستاذ الالتفات لـما يتردد من رغبة الوزارة تـمرير بيداغوجية الإدمــاج وتطبيقها.
أسئلة كثيرة تـراود أستاذ الثانوية الإعـدادية – الموز – أورير، غير التي ذُكِـــرتْ، وأحـاديث تحصـل هنا و هناك، تعبر عـن غضب حقيقي، قد يطفو على السطح ذات لحظة، فيأتي على الأخضر و اليابس .. هي أمــور كثيرة تُـطبخ أمام الأعين وأحيان أخرى في الخفاء يندى لهـا الجبين، والسكوتُ ذات الحين عنها لا يعني عدم فهمهـا، وتـقـبُّــلُـها ذات هذه اللحظة فمعناه الاقتناع برؤية عبد الله العروي إثر حديثـه عن أبجديات المواجهة.
......................
ذ – محمد بوشيخة
كـاتب وصحفي من المغـرب
Boucheikha1979@yahoo.com

الأربعاء، 6 يوليو 2011

تــرقـــيـة - قصة قصيرة جدا


بـعـد أن غــدَرَتْ بـه كـأسُ الـمـدامة فقـتـل عشيقـتَـهُ دون قصـد تلك الليلة الـبـاردة ..
و بعـد أن عـمّــرَ في مؤسسة السـجـن أكـثـر من عشـر سنـوات عـقـابـاً على فعلته ..
يغـادرهـا وقـد تسـلّم شهـادة المجرم المحترف.
..........
محمد بوشيخة

لـيـلـةَ غـادرَ الـقـصرَ الرئـاسيّ - قصة قصيرة جدا


سـعـادة الرئيس؛ إن الشعب يصـرخُ بـأعلى صوتـه: ليسقـط النـظـام.
ومـاذا بـعـد ..!؟.
يـرددون: الشعب يـريــد رحـيل الرئيس ..
بعـد لـحْـظـاتٍ .. ولـمّـا أيـقـنَ وهْـمَ الحُـكـم، وخُدعـةَ الـكرسي؛ كـما قِـصَـــر زمـان الـنـعـيـم، وتفـاهـته أمــام الـثـورة، تنـاول مسدسَـهُ؛ ليـغـادر الـقصـر بعـد أن تـبرأ منه السـلاح.
.............
محمد بوشيخة

في القسم - قصة قصيرة جدا


كـلّـما دخـل الـقـاعــةَ كــشّـــر عـن أنيـابــه .. تراه العـيــون فـتقف خـوفـاً ورهـبةً.
أتــعـبـهُ الـدرسُ المـكـرّرُ للـحـصّــةِ الـعـشرين؛ لأن المطلوبَ للتحقيق لم يزد حـرفـــاً عـن جـمـلـةِ: لـم أقـتـلِ الرئيسَ ..!!.
.........
محمد بوشيخة

الاثنين، 20 يونيو 2011

مـسـرح - قصة قصيرة جـدا


كـكـلِّ مـسرحيةٍ يـتــغـيّـبُ كـثـيـرٌ من الـممثلين ..
يــفـتـتـحُ الـمخـرجُ جـلسـتَـهُ بتقديم الـمـتسـائـلين، يستمـعُ الـوزيــرُ لأسـئـلةٍ اسـتـأنـس بـهـا قـبـلاً؛ يُــجـيـبُ وهـو يـقـرأ في نــوع من العبث والارتــيــاح فـي آن ..!!.
يتـكــرر الـمشـهـدُ .. يتـكرر غـيـابُ بـعـض الـممثـلين .. يتـكرر غيابُ الـمـشـاهد.
............
محمد بوشيخة

انخطـاف - قصة قصيرة جدا


الـتـقـط أنــفـاسَــهُ بـعـد جَــهـدٍ عـسـيــر .. بـسـرعـةِ الـضّـوء غـابتْ عـنه صــورةُ تـلك الـمرأةِ الـهـاربــةِ، بـعد أن دنّـــس يــده اليـمـنى.
بــسرعــة الضــوء أيضاً استجـمع قِـــواه، حـوقـل، وبعـد أن مـــرر يديْـــه على لـحـيته الـطـويـلــة لَـعَـنَ كـلّ نسـاء الـعـالم.


.........
محمد بوشيخة

اختطـاف - قصة قصيرة جدا


أطـعـمْـتُـهُ من حلـيـبي عـامَـيْـن أكـملَـيْـن، تــبـوّل على رُكـبَـتَـيّ عـامَـيْن أكـمـلَـيْـن، لـم أغـمــض لأجـله جـفـنـتَـي عـيْـنَــيّ عـشـرةً في عـامَـيْن أكـمـلَـيْـن ..
هـي حـلُـمَـتْ بـه مـنـذ أن كـان عـمـرُهُ عـامَـيْن أكـمـلَـيْـن، لـعِـبتْ مـعـه لعـبةَ الغـمّـيضـة ثـلاثـة فـي عـامَـيْن أكـمـلَـيْـن، ولـمّـا بـلـغ مـن الـعـمر عشـرةً فـي عـامَـيْن أكـمـلَـيْـن خطـفـتْـهُ مِــمّـن أرضـعـتْـهُ عـامَـيْن أكـمـلَـيْـن ..
.........
محمد بوشيخة

السبت، 21 مايو 2011

عـيـد الـعـمّـال حـكاية أزلية في ظــل حـكـومـات قبلـيـة - الحلقة السادسة عشرة من عمود "ضد التيار"


لستُ وحـدي مَــــنْ يــتألم لأجـلــك أيـهـا العامل البسيط؛ إنـمـا كـل مَــنْ أنتسبُ إليهـم؛ غـير الـراضين بـــأوضـاعـك ذات الصبغة شبه الأبدية؛ في ظـل سياسات لم تَــحــكُــم السيـطـرة على قـطـاعـاتهـا، وتـغـني على "كم حاجة قضيناها بـتركـها و التغـاضي عـنهـا".
إن الأحـزاب المتعاقبة على تسيير البلاد تطغى عليها سياسة الاستغلال؛ حيث يكفي تــتـبـعُ مسـار الـعـديد من المنتسبين لـهـذا الـحزب أو ذاك - شريطة تحقق الانتمـاء القبائلي / الـجَـغـرافي لقيادته - ومـا حـقـقـوه من امتـيازات؛ إن لـم تـكن من منطلق خلق وظـائف وهـمية؛ فبـخـرق مبدأ تكـافُـــؤ الـفرص، وتـقديم طلبات مَـنْ هــو "ولد البْـلْـيْـدة"، وبصيغة "ذوو القربى أولى ممن يلـيـهم".
أحـزاب مزجت بين الاستغلال والتسلط؛ حيثُ مـثــلُ هذه الأفـعـال؛ والتي وثّــقـتْـهـا كـثـيـرٌ مِـنَ الـجـرائـد؛ على مـدى تسيير مثل هذه الأحـزاب للـحـكومـةِ في شخـص قـيـاداتهـا، تجـعـلُ من الـجَـثْـمِ عـلـى قـلـوب الـكثـيريـن؛ مـمّـن اخــتـاروا الـلاّ تحـزّب حـزبـاً في الـحـاشية؛ أمـر جــرّ مـعـه مَـنْ هـم ضـمـنَ جَـــبْـهـاتٍ مـعـارضــةٍ أو مـخـالـفـةٍ للقـيـادة.
لـو تـوقــف الأمـر عـند هـذا الحـد لـهان على قـلوب محبــي الوطن؛ تشبثـا بـقـاعدة "الحق يعـلـو ولا يعلى عليه" ثم "البقاء للأصـلـح".
غـلاوةُ الـــوطـن وقـدسيةُ تـاريــخـه الـعـريــق يـجعـلان الـمواطـنَ حـقـا غـيـرَ قـابـــل لـجـره فـي مـهـاوي السـقـوط.
لم يخـرج العـديد من الشباب عـديد المـرات؛ انـطلاقـاً من عـشرين فـبـراير حـبا في الخـروج أو رغـبةً في الـفـوضى؛ إنـمـا تـحقيقـاً للعـدالة الاجـتمـاعية وقـول: "نحن أيـضا مـغـاربة" ثـم "نحن أيضا تعـلمنـا وقـادرون على تحـمّـل المسؤولية أو تولية ذاك المنصب"؛ إلـى جـانب حـقـنا في الاستـفـادة من خـيـرات البلد الكـثـيرة؛ والتي يــعـــود الـفـضل فيـهـا أولا للـعـامل  البسيط؛ مَـن أحـبّ الأرض واشتـغـل فيـها ثم شـغّـلـها ولـعـدم تـقـديره يكون آخـر من يستفـيد من مـردودهـا.
الحكومة المغربية، ومعـهـا بـرلمـانـهـا وَجَــبَ أن يضـعا المفـاتــيــح، وهـذا شعـار شباب ثــــورة فـبرايــر ومـن والاه؛ ببسـاطة لأنهم فشـلــوا في تدبـيـر الشأن الـعـام وخدمة المواطنين؛ وإن كــانــوا في الحقيقة يملكون من المَــقْـدُرات الـعـالية مـا خدموا به أنفسهـم وعـشـائرهم، وبـعد الاستـقالة يأتي دور المـحـاسبة، بناء على "مِــنْ أيــن لـك بهـذا وأنت مجردُ وزيـر أو برلماني"، في إطـار كشف عـدم شرعية زواج الظلام بين "السلطة والـمال".
عـن الـعـامل البسيط، بمناسبة عـيـده، وأي عـامـل هـذا الذي يمكن الحديث عـنه في المـغـرب: غير الـمـؤمّـن، أم غير الـمـغطى صحـيـاً، أم ذاك الذي يموت في حـادثة شغـل ويكون السبب عدم احتياطه، أم الذي لا تتجـاوز أجـرتـه خمسين درهـمـا وأقـل، تعويضـاً عن عـشر سـاعـات مضنية يومـيـاً، ولا يتقـاضى إلا عـن سـاعات اشتغـاله دون إدمـاج الآحـاد والأعـيـاد والـمـناسبات والـوضعـيات المختلفة ضمن الاستخـلاص .. ورغـم كـل هـذا إذا تـقاضى ما يسمى أجـرا في أوانه، دونما نقصان، فـهـو محـظـوظ؛ لأن أصحابَ البطــون الكبيرة المتكرشة قلمـا تلتزم، وكثيراً ما تختلق أعـذاراً؛ تـؤجـل بـهـا الأجـر أحــيانا أضعـاف المدة المحددة ..
حدثني أحـدهـم أنه في غضون سنة واحـدة توفي من العـمـال ضمن إحدى شركات الـبـنـاء مـا يعادل أحـدَ عـشرَ عـامـلاً؛ والقصة الـغريبة من هؤلاء الضحـايا في الذي اعـتُـبر سبباً في تمويت أحدهم؛ لأنه وهـو يلقي ببقايا البناء مـن طابق عـالٍ؛ تصـادف ذلك وآخَــــرُ أسـفله (= زميل له في العمل)، ضمن طابق آخـر يـطل؛ جـرّتـه "يـاجـورة" ضـربـاً على رأسـه؛ أنزلـتـه إلى أرضية الـعـمـارة، تُــخـبَـرُ الـجـهات الأمنية بحـادثة شغـل، وفي اللحظة ذاتهـا تُـفَـبـرَك كـل الأوراق؛ لأن معظم الشركـات، كما النقـابات تسلـك سياسة "احْــضِــي راسْــكْ اُوديـــر الاحتياط"، تتــرُك أعـداداً لا بأس بهـا من النسخ لحـاجة تترقب هـكـذا "حْـصْـلة"؛ ولأن قـضـاءنـا لا يكلف نفسه عـناء التدقيق في الأمـور، يعتبر كـل الأوراق دليلاً، ولـو نطق الـمداد وقـال: "للتـو كـتـبـوا بــي" .. صاحبنا العامل البسيط زُجّ به في السجن، ولمـا حققوا معه، أخبرهم بأنه مأمـور بما يقوم به من أعـمال داخل الشغل، تبرأ منه مشغلُه المشرف المباشر "الشّاف"، ليتبرأ منه صاحب الشركة "الباطرون"، في غياب واضح للعـدالة القضائية .. رحم الله الفقيد و لا سامح الله المسؤولين عن تسيب القطاع، وتحية إجـلال لـفـاضحـي مـا يخفيه النفـوذ والمـال، إنصافا لذوي الفقر والحاجة وتلعثم اللسان.
لا أحد يجهل أن كلمة "الـعـامــل" تشمـل كل عـامل مـأجـور (= أستاذ، بنكي، موظف في شركة، فـلاح، صيدلي، بـحري + ...)، و لا أحـد بقادر على تجـاوز ما لهـذه الفئـات جميــعِـها من مطـالب عـاجلة، عـبـرت عـنهـا بأساليب احتجاج متواصلة .. لكن العامل المتحدث عنه سلفـاً أكـثر ضـــررا، في واقـع جعل منه إنسانا من الدرجة ( ...؟؟؟)، فـي دولـة حـرمـتـه من كل ما يجـعـل منه مـواطـنا يشعـر بوطنيته، ويفتخـر بانتمـائـه.
لــكــل العمال، نتمنى عيدا كـــالأعـياد الحقيقية، يرتدون فيه ثـيـابــاً جديدة، فرحين، مسرورين، مهنئين بعضهم البعض بحلول عيد جــديد، والدعوة للاحتفـاء بأعيــاد بعده .. لا حشد الهمم كـل سـنــة وتـوزيــع المنشورات لأجـل مظـاهرة واسعة النطاق، مرددين شـعـارات أتعبت حـنـاجر مَنْ سبقوهم، مسودين أوراق بنفس مـطـالب أعـياد العمال السابقة.
قـيـاسـاً على مـا قالــه أحـدُهم ذات زمـــان، منذ تلك الحيــاة "هذه قيسارية ماشي وزارة"، نـقـول للحكومة ومعمريـها: "هذه وزارات ماشي قيساريات"، حتى يعـيـن فيها الموظفون كـما يــريد أربــابُـهـا؛ هــذا من مدينتي، وذاك ابن خالتي ... وهلم جـرجرة من أبناء الكبد و العمومة والمصاهرة.
محمد بوشيخة
mljabri1979@hotmail.com

الأربعاء، 20 أبريل 2011

فـصلُ المقالِ فيما بين المسؤوليةِ والمحاسبةِ مِنَ الاتصـالِ - موضوع الحلقة الخامسة عشرة، من عمود "ضد التيار"


بـعـض الـمفـاهيم بما تحمله فـي جعبتها من معـان وأبـعـاد، إن لم تلتصق بأخـرى، هي قـريـبة لـهـا في الـقـرابة والنسب، تعـدو بـلا قـيـمة و لا معـنى، فـي ظـل مجتمـع تمـزقت أركـانه، وتـاه فـيـه الـضـمـير بـحَـمـولته الإنسـانية، حتى لم يــعــد يـجـد مكـانـه.
مفهـوم الـقـضاء، في غياب قـاض مسؤول يحتـرم حِــرفـتَه، لا معنى لـه .. وزاراتــنـا ومـؤسسـاتنـا في ظل تهـور مسؤوليـها، ولا أهمية للضمير الجمعي الإنساني والمجتمعي عندهـم؛ تـصبـح بـلا معنى، وفـارغة من محـتـواهـا .. كـذلـك الأمـر في كـل الـمهـام، صغـيرهـا وكبيرهـا، هـي وفـي ارتـبـاط بمبدأ الـمـحاسبة أشبـه بعـملة نقـدية؛ التي تصـبح بدون جدوى أمـام أي تشويه أو تمزيق لـجسـد الظـهر أو الـوجه.
المغرب دخل عهـداً جديداً، عـهداً لم يكن اخـتياريـاً؛ بل فُـرِضَ علينا فرضـاً، من خلال مـا يشهـده الـعـالم العربي من تـغـيـيـر، وإعـادة تشكـيل خـرائطـه السياسية والهيكـل – اقتصادية .. عـهداً كـان مطمـح عـديد من الأقـلام و المناضلين الشرفاء، داخل أو خارج التنظيمات المؤسساتية.
ثـار الشباب هنـا وهنـاك، ورددوا أن كفى عـبـثـاً بمصير الشعــوب .. كمـا انتفض المغـاربة عديد الـمرات، عبر أزمنة مختلفة، لا يحق لأحـد أن يـنكـرهـا عليهم اليوم، اُولـئـك الذين آمـنـوا بقضية الـتـغـيـيـر مبدأ، وبـكـل أشـكـال النضـال الـمـتنوعـة أسـلـوبـاً .. إلا أنه فــي ظـل الــثـوْرَاتِ الـجـديدة ظهرت أشـكـالُ مخـتلـفة للتعبير، مطالبة بالتغيير، جعلت من الشارع مـلـجـأ، ومن الإصـرار الـمـتواصـل خـطـة، ومن التـكـثـل الـجـمـاهيري حـجـة .. أمـا الـفايسبوك فـمؤسسة من لا مؤسسة تستمع إليه، وملتقى بغير تكلفة، قـد تحـد من المـبادرة، وتضـرب فـي عـمـق " جـوّعْ كـلْـبْــكْ اتْــبْـعْــكْ " .. لأنهـم اعـتقـدوا وعـولـوا على مـا جـنــوه من أمـوال الشعب، معـتـبريـنَـهُ أداة لابـتزازه ووسـيـلة لا يقـو غـيـر مالكيـهـا على فـعـل أي شـيء، ولـهم يـردد قــائــل: "ليس بالمال وحده تُـحـقق الـثـورات"، والأكـيـد فــي ذلـك أن الـثـورات التي هـدفـها تحقيق العدالة الاجتماعية، فعـلاً لا قـولاً، عـبر الـتاريــخ، حـركـهـا الـشـبـابُ المسـتضعَـفُ اجتـمـاعيـاً، الـمسـتقـوي بفـكره وعلـمـه وثـقـافته.
لم تـعـد سـرعـةُ عـجـلةِ الـتـغـيير تقـبل من المُــسْهمين في التغيير، وكـذا متتبعيه بـعـيـونٍ صحفيةٍ غـيـر الكتابــة فـيـمـا يـمـكن أن يُـسـهـمَ فـي بـنـاء مغرب الـيـوم، مـغـرب الـمـحاسبة، باعتبارهـا ظـلا ظـليـلا لمفـهـوم الـمسؤوليـة.
يبدو مشروع الإصـلاح قد أخـذ طـريقـه، وأن أي التـفـاف عن الـمـطالب الشعبية أمــرٌ لـن يـكون مـقـبولاً .. وشـرط إشـراكـهـم فـي أي مـمـارسة دبـلومـاسية، حكـومية أو مؤسساتية غـير حكومية، ركـن من الضرورة مـراعـاته، أو الأخـذ فيه بمبدأ الــحـصة؛ لأن الشبابَ المغربي -للأسـف – هُـمِّـشَ ويُـفـعـلُ به كـمـا فُـعِـلَ ويُـفـعـلُ بالمـرأة، قبلا ولـحدود العقود الأخيـرة.
ثـم إن المراجعة الدستورية التي انطلق مشروعُـها وجَبَ أن تنـصّ على مـبـدأ الـمـحاسبة؛ لأن المـغـاربة مـافـتـئــوا أن نــددوا بـالمـفارقة الشاسعة؛ إن لـم نذهب حـدّ وجـود تناقض تـام بين الـسطر والـفـعـل، فـكـان أن زج عـديــدٌ من القـضاة، رغـم أنف بــنـــود القضاء المُـنبنية على العدل، إنصافاً للمظلوم، ومعاقبةً للمجرم .. زجــوا بضحية في غياهـب السجن، وأفـرجوا عـن الـمـجرم، في محاكمة غـير عـادلة؛ فقط لأن الضحية بسيـط وجـيـبـه مـثـقـوب، والمجرم من مالكي رؤوس الأموال، وبه ومن خلاله يمكن أن تُـسَـد أفــواه موظفين كـثـر، أمـا ابن الطبقة الـحـافية إن تركـناه وأنصفناه، ماذا يمكن أن يأتي منه !!! ..، ويكفي تـأمـل الـحـكاية المغربية المتداولة؛ التي جُـرِّمت فـيـهـا فـتـاة خـادمـة، تـعرضت لاغـتصـابِ ابـن مشـغِّـلـهـا، أخـذاً بـمـقـيـاس "هـي مَـن أثـارت مشـاعـره، وتسببت فـي دفـعـه إلـى اغـتـصـابـها؛ لأنـها في الوقت الذي كانت تنظف أرضية المنزل كشفت عن ساقيـهـا"، ومـن ثَــمّ يُـبـرأ الــفـاعـل، ويصبح هـو الضحية (= طُـوي الـمـلف)، يــا للعجب ..!!
لـمـاذا الـمـحـاسبة ..!؟؛ لأنه مـا خفـيَ عــن المـغـاربة ما اقـترفتْ يـدُ عـديـدٍ مـن الـمسـؤولين / المشـرفين - ومنهم من يتقلد مهام دبلوماسية – عن شـركـاتٍ من تـجـاوزاتٍ بلـيـغـةِ الأثــــر على شريحة عـريضـة من أبـناء الشعب، وبـعـد تـجريـمـهم، وكشـف فضـائحـهم، ينفلـتــون من المتابعة القضائية بــوَصْــفــات سحرية، محركهـا المـال والوسيط النافـذ ..
إذن مـا مـآل المـراجعة الدستورية إن لم تنص في سطورهـا عن المتابعة المبنية على المحاسبة الحقيقية؛ من خـلال مجلس تنفيذي؛ ذي طابــع جهــوي، في إطار الجهوية الموسعة، توكــل له المَـهـمّة، وينـظر في كـل الشكـايا المقدمة، من كل الجهات والأفـراد، هذا وضرورة انفتاحـه عـــن الجمعيات المدنية ووسائــل الإعلام؛ الذي وجب الآن أن يكون متـعـددا داخل التراب الوطني .. لا البقـاء على مؤسسات المحاسبة الشكلية، المـنـخـورة في كيانــهـا، هي في حاجة لمن يحاسبهـا أولا عن اختراقاتها وضَـعْـف بنيتـها ..
أخـيراً، وحيث إن تونسَ هـي قائدة الــثـــورة، ولأن الشباب حامـلــو مشعلها الآن، وفي كل الأوطان هنالـك أصوات، عبر أزمـان مختلفة، كم نادت بها وضاعت مـنا، موتـاً أو نفـياً .. لا أجـد ما أختم به غـير حماسة شوقي:
قُــلْ للـشباب بــورك غـرسُـكم  **  دنت القطوف وذللت تذليــلا
حيــوا مـن الشهـداء كل مغيّـب  **  وضعـوا على أحـجاره إكليـلا
ليكون حظ الحي من شكرانكم   **  جما وحظ الـميت منه جزيلا
................................................
محمد بوشيخة
بجريدة عيون الجنوب، العدد: 25، أبريل 2011م.


الأحد، 27 مارس 2011

الـثـورة والأفق الـجديد ..!! - الحلقة الرابعة عشرة من عمود "ضد التيار"


الـــثــورةُ والأفــقُ الــجديــدُ

في البـدء نشيـر أنه استـدعـانـا ونحن نبغي الكتابة في هذا الموضوع عـنوانــان: "الثورة والأفق الجديد" و "للشباب الكلمة"، اخترنـا الأول ليس لأنه الأكــثـر دِلالة، فهـما مـعا يوحيان بنفـس الأبعاد العميقة من جهة، ثم اعتبار أحدهـما صورة عن الآخـر من جهة ثانية؛ لأن الشباب هم عنوان الثورات الحالية، لا الشيوخ والكهول، مَـنْ يخـاف منهـا؛ لأنهم يخافون عن مناصبهم وكـراسيهـم.
لـمـاذا "الكلمة للشباب"؛ لأنه فـضّـل مذ مدة طويلة الابتعاد عن التنظيمات و التحزبات لدرجة أنه ابتعد حتى عن الانتخابات في هذا البلد أو ذاك؛ لأنه أدرى بمدى خـوائـها، وتشدقـها بشعـارات أقـوى منهـا، ثم لـما له من وعـي بات يتجـاوز به من عـلموه المبادئ والقيم في مدارسهم ولمـا بــلــغ درجة الانخراط والمشاركة همسوا في أذنَــيْــه " خْـلّـي اللّـي قْـرّاوْكْ اُو كْـبْـرْ مـنْـكْ امــثْـلُـوكْ".
متى كان تحمل المسؤولية والقدرة على اتـخـاذ الـقـرارات مرتبـطـا بالعمـر وظهـور الشيب على شُـعـيْـرات الـرأس، وما حال أبناء وزراء لم يتجـاوزوا العشرينيات، ولهم من المسؤوليات ومن الأسهم و الأموال مـا يُـقـعِـــدُهـم في الرتب الأولى من أغنياء هـذا البلد أو ذاك، أغنياء بلا شرعية ولا محاسبة تكشف من أين لـهم بذلــك ..؟؟.
حــلّ زمـن التغـيير دون رجعة؛ إلا بـالقطع مع مسبباتـه .. إلا بالتراجع عن سياسات خدمتْ أسـراً بعـيـنهـا، وجثمت على بقية الشعب.
في الموضوع الفائت لم نرغب أن نفـوّتَ على القارئ الكـريم الـحـفـرَ فيمـا لم يكن بعـيد المنـال؛ من تفتيتٍ لـما وراء ثورة تونس الـخضراء، موضحين في نوعٍ من الإجـمـال مسبباتهــا، ووقـتَـهـا لم يكن عندنـا أدنى شـك أن سيـلَ الغضب سيهـاجـر دون تأشيرات ولا انتظـارات لبلـدان هي شقيقـاتُ تونس في كـل أنـواع القهـر والبؤس وتجويــع الشعوب وتوسيــع مسـاحـات التراتبية.
ما حصل في مصر العربية كفيـل بأن يعـيـد مَـن اعـتقـدوا أن تونس استثـنـاء، وأنـها بــلـد صغـير سـهُـلَ فيه طـرد الطاغية، وتحصـيل تغيير على كافة الميادين .. أن يعـيدَهـم إلى صوابهـم، وإلى اعـتبار الـمـمـكن أقـوى مـن الـمستحيل.
مــصــر، تـلك البـلد التي اعـتـقـدنا ذات زمـان ليس ببعيد أن شعـبَـهـا طُـمِستْ عـقـولُـهُ لـمـا جُــوّعتْ بـطـونُـهُ، فيـما عُـرف بـأزمة الخبز، ولا تـحـرّك من مكـانه في نوع يـؤكـد غضبه، بـيّـن - الآن - في شكـل غير مسبوق خطـأ الاعـتقـاد، بل ووهْــمَ مَـنْ يـظـن أن صـداقـةَ الدولة العظمى كـافٍ بتوقيف عجلة الـزمـان، واستيراد النقود سيجعله بـمـأمَنٍ من الشرارة التي باندلاعـها تـأتي عليه وعلى الجـمل بـمـا حـمـل.
في الدول الأخـرى؛ التي تعيش غضـبـاً شعبيا لـمدة طويلة، ألــم تفـهـم حكـومـاتُـهـا أن ريـــاح التغيير إذا حـطـت ببلـد لـزِمـه الاسـتمـاع للأصـوات الـمـنـدّدة بكل أنواع الاستبداد، والشروع في الإصـلاحـات الحقيقية، بل ومـحـاسبة الـمـتورطين فيـما وصلت إليه الدولة؛ لأن الإيـمـان بأن البلد للجمــيــع، وأن هذا الجمـيـع، دون استثـنـاء، يُسهـم في بنـائه، لا يمكـن أن يخلق فجوات للحديث عن فوارق طبقية، لا تحدّهـا مسـافـات، لا و لا يدع مـجـالا لتفشي الفقـر والـرشوة وغياب الـمـحاسبة وانتشار المحسوبية و الزبونية، ثم توزيــع الـثروات بشكـل غير عـادل، وتـعـدد مهـام هذا البرلماني أو ذاك الوزير، ثم التناقضات الواضحة بين القول والفعل، وهلم ميوعـة في العديد من الخروقات الاجتماعية والسياسوية والاقتصادية.
في المـغرب، ثورة 20 فبراير، تــظــاهـر العديد من الشباب، سـاندتهم في ذلك بعض الأحزاب التي لم تـتـح لـهـا الفرصة في تمثيلية مـا، أما من خـولـتهـم الانتخـابات غير النـزيهـة تمثيل أقـاربهم، فقـد كـفـاهم عن الـتـظـاهر مـا ضخـوه من أمـوال ضخـمة، ومـا أرسوه من قـواعـد لشـركـات كـبرى، ومـا خلقـوه من منـاصب ممتدة للأبناء وأبناء الأعمام والأخوال والأصهـار، تكفي نـظرة سريعة في أسـمـاء وزرائـنا و ما يجمع بينها من قرابة دموية أو صهرية تأتيك الإجـابةُ، ولـمـن قـال إنهم أكـفـاء، لـذلك استحـقـوا كل ذلك؛ فـإن الأمـر فيه كـلام، مرتبط بمـا يـعـني: أَهُـم نخـبةُ أكـثــرَ من ثلاثين مليون مغربي ..؟؟، هـل باقي المغاربة ومن كل الأطياف لا يـوجـد منهـم من يستحق هذا المنصب أو يتحمل تلك المسؤولية ..؟؟.
الشباب فـطِـن لـــكيف تــوزع الثروة ..؟؟، وأين تذهب عـائدات الضرائب ..؟، ويكفيه مـا يعلمه من أمور تحتاج إعـادة النظر وبشكل سريع .. فـمـا معنى أن يتقـاضى برلماني ملايين كـأجرة شهرية، ووزير يضـاعف أجـر البرلماني مرتين ؟؟، لـمـاذا لا تكن عندنا المسؤوليات الكبرى تكليف لا يبحث عـنـها غير مُـحِـب للـوطـن، وبــاغِ خـدمـةَ شعـبٍ لا مُـلـتــوٍ على الكرسي؛ مسـتغـلٍّ كــل ما يأتي به من راتب وتعويض عن التنقـل والإعـفـاء من الضرائب ..؟؟، كيف نبغـي من مـواطـن بسيط ألا ييأس وهـو في الـشـارع بـلا شـغـل رغـم شهـادته، والضرائب تلاحـقُـه؛ في وقتٍ وزيـرٌ يتـقـاضى من جيوب دافعي الضرائب أجـرته الصاروخية؛ إلى جانب امتيازات أخرى من الأولـى أنهـا غير مستحـقـة؛ لأنهـا تعـويضات عن مَـهـمّــات، الأولى أنها من باب التكلف بالمسؤولية ونصيبها من نصيب الأجرة الشهرية.
.....................................
محمد بوشيخة
عيون الجنوب، العدد: 24، مارس 2011م

السبت، 12 فبراير 2011

تـــونس البـوعزيـزي والسـؤال الـمفتـوح ..!؟ - الحلقة الثالثة عشرة، من عـمود "ضد التيار"


لــمـاذا انـتـظر ابـن علي وزبانيته حتى تفيض تونس الخضراء عن جنـبـاتهـا بالبـؤس والتفقـير والـتهميش واستغـلال النـفـوذ؛ لـيـطـلـع على مَـنْ تـقــبّــلَــهُ رئـيـسـاً ذات زمـانٍ مضى ويُــخـبره؛ أي الشعب، في نـوع من الاستـجـداء بـعزل هـذا الفرعـوني وتخفيض هـذه الـمادة وتوفـير مـابخـل عـنه مـدةَ حـكـمِـه ..؟.
لـمـاذا يتـواطـأ زين الفاسدين مـع زبـانيته لـيـزُج بشعـب في خـانة الانتـظـار عقـودا من الـزمن، انتظارُ الـخـواء وعـلـه ينتبه إلى شوفينيته ذات مـرة ..؟.
لـمـاذا لـم يتـعـظ من سطـور الـتاريــخ وسطوتـه التي تأتي على كـل من عبث ويعبث بشؤون شعب ولاهُ أمــرَهُ، وعـثـا في الأرض فـسـادا لـما فسح لـه الزمـان عـباءتَـهُ ..؟.
لـمـاذا لم يُـدرك أن صمتَ الشعب لا يعني جهـلَه بما خلف سياسته الصماء؛ إنمــا هــو ترتــيـبٌ وتـجمـيــعٌ لثـورة قادمة ..؟.
هـل ستتغير السياسة الداخلية والخارجية لـتـونس الـعربية، في ظل رحيل محرك دوالبـها هروبـاً والإبقاء على بعض أذنـابه في مؤسسة من مؤسسات الدولة، أليست الثـــورة عنـوانـاً نــصـه إبعــادُ كل منتسب للحكومة الفاسدة ..؟.
مـوالــو سياسة زين الفاسدين، والمدافعون عـنها؛ مَـن سـخـروا أقـلامهـم في جـرائد من صنيعة السلطة، وطـوعـوا ألسنتهـم في قنـواتهم وبـرامـج قنوات غيـرهم، مرددين إنـجازات قـائدهـم الوهمية؛ مذكرين للمرة الـمـليون بشـهادة زمـلائـــه الأوروبيين بـأن تـونس حققت قـفـزة اقتصادية، في غــضٍّ للطـرف عـن أنـهم أولُ الـمستفيدين منهـا، أو أنـهم مَـنْ شـارك الدكتـاتــور صنعـهـا .. قـوةٌ اقتصـاديةٌ وهـميةٌ أولُ ضحـايـاهـا محمد البوعزيزي وملايين أتـرابه .. أول المنتعشيـن بـها ومنهـا عشيـرةُ زين الـفـاسدين وأقـربـاؤه؛ بمـا ضخـوه من ثـروة ضخـمة في الداخل والخـارج، ويبدو الغريبُ في حكاية الهروب تنـكر الصديق الذي يعـود الفضل لشـركات بلـده فيـما حققته الخضراء من انتعاش اقتصادي رآه هـو تقـدمـاً؛ لأنه أسهـم في الــرفـع من رسوم تلك الشركات، في وقتٍ رفـــع من مسافات الطبقية وتفقير الشعب؛ لدرجة يدفعه اليأس إلى إحراق نفسه ..!!.
الشعب ليس غبياً، حتى يناضل ويصرخ من أجـل لاشيء، لو أدرك البسطاءُ أن البلد بنيتُه ومداخلُه ضـعيفة لضحى بالغـالي لأجل المساعدة والعمل، دفـعاً بالبلد إلى التنمية والتقدم، لكن أن يعلم بــالواضح والمكشـوف استنزافَ الـثـروة مِـنْ قِـــبَـلِ مَــنْ هم أولى بالمحافظة عليها وعــدم توزيعها بشكل عادل على أبناء البلد، ثم بلوغ أسماء بعينها درجة الغنى الفاحش، أمــورٌ كلها تدفــع بالمرء، ليس فقط لإحراق نفسه؛ إنـما لارتكاب ما لم يكن في حسبان أحد ..!!.
تـنكّـرُ الرئيس الأوروبي لصداقة ابن علي لـــه من الرسائل ما يوحي بأن الصديق في قهـر الشعب أولُ من يـغـيـرُ جِـلدَهُ في حـالة استيقاظ هـذا الشعب، أمر يبـرره أيضا الخوف من شعبِ المُـضِــيـفِ من اعتبار الاستقبال احتضانا للإجـرام، في عصر كـثُـرَ فــيـه الكلام عن الإرهـاب ومشتقـاته. أما البلد الذي هـو قبلة عباد الله، فلا خوف من ذلك؛ ولا خـوف من احتـضان هـارب من المحاسبة الشعبية.
الـمـعارضةُ فـي تـونس؛ وعـن أيّ مـعارضة يمكن أن نتحدث؛ غير تلك الـمُـهَــجّـرة، بعيدا عن حدود تونس .. فــالـثـوار ليســوا بثقة تـامة في ماينعث بالمعـارضة، وهي الـملـتحِقة بركـبِ الـتظـاهر، لا الداعية لـه طيلة عـهد التشرذم وسرقة أموال الشعب؛ وهي العالمة بـذلـك، يكفي دلـيـلا التصريحـاتُ والتوضيحاتُ التي تفـضـلَ بـها منتمـون لأحـزاب المـعـارضة فــي الداخـل ..
ألا يحق للشعب التونسي ممارسة الدبلوماسية في غياب أي جلباب تحـزبي ..؟؛ لأن التكنوقراطيين قـلـما تُـمـنـح لـهم مسؤوليات في هـذه الـحـكومة أو تـلك؛ وكـأن الأحـزابَ هي الـولي الـشرعي على الممارسة الدبلوماسية، والـحال أنـها كثيرا مـا أفسدت الفعل السياسي وأسهمت في تعـكير مياه الديمقراطية ..
يمكن لمثقفي تـونس ومناضليه الشرفــــاء، دون أي غطاء حزبي الـسـيـرَ بالبـلد إلى بــر الأمـان، وتحقيق تنمية مستديمة يستفيد منها التونسي، كل التـونسيين.

محمد بوشيخة
mljabri1979@hotmail.com
....................
ورد بجريدة: "عيون الجنوب"، عدد: 23، فبراير 2011م

أربـاب سيارة الأجرة الكبيرة – خط الباطوار أورير - وسياسة الـلامبالاة .. متابعة صحفية


سيارة الأجرة الكبيرة من البـــاطـــــوار إلى أوريــــر تتوقف نصف ساعة تقريبا عـنـوةً، انتظـاراً للثامنة مـساءً، بغيةَ الاستفادةِ من 50 % زيـادة.
أربـاب سيارة الأجرة الكبيرة – خط الباطوار أورير - وسياسة الـلامبالاة

وأنت المـريـدُ الذهـابَ إلى أوريــــر من البــاطوار، مـقـرُبـةَ الثامنة مـساءً، تصـادفُــــكَ سيارات الأجرة، إمـا مركونة جنبـاً إلى جنبٍ في مكان انطلاقتها المخصص، في انتظـــار حلول الثامنة أو مختبئة جنـبات نقطة الانطلاقة، لا لشيء إلا للاستفادة من زيادة 50 %، بحلول الثامنة.
ولأن الظاهرة باتت مكشوفـة، ونيات السائقين باتت معلومة، والرغبة في الوصول إلى مقر السكن في أي زمان شاء المواطـنُ أمر حـق لاجدال فيه؛ مادامت هي في خدمته كما تدعي، كلها أمور حـرّكت ذاتَ مساءٍ مجموعة من الغاضبين على الوضــع، لـيـتوجهوا صـوبَ مـخـفـر الشرطة المرابط قـربَ المحطة، تقدموا بشكاية شفوية عن الأمر للشرطي الموجــود لحظتها في المخفر، حاورهم عن الأمر مـدة ربع ساعة تقريباً، ليخرج معهم ويخبرهم بأن السيارات موجودة، فعـلاً أصبحت موجودة لأن الثامنة حلّت، بعد ذلك اليوم وكأن الأمر لم يكن منه شيءٌ لـتعـود حليمة إلى عـادتها القديمة .. 
..............................
ورد بجريدة: "عيون الجنوب"، عدد: 23، فبراير 2011م

الأربعاء، 5 يناير 2011

السنةُ الجديدةُ والعـاداتُ القـديمةُ .. موضوع الحلقة الثانية عشرة من عمود "ضد التيار" .. جريدة عيون الجنوب


أولُ ما يلفت انتـبـاهَ الـمرءِ عـند استـقبـال سنة وتـوديــع أخـرى هـو الـفـرقُ بين الـهـجري منـها والـميـلادي، لا من حيثُ الـحَـمـولةُ الـدلاليةُ التي تكــتسيهـا الـواحدةُ عن الأخـرى؛ إنـمـا لِـمـا تحظى بـه الـمـيلادية من اهـتمـام زائـد في الاحـتـفـاء، مقـابـل ما تشـهده الهـجرية من لامبالاة، بل جهـلٍ برقـمـها حتى ..!!.
في الضفة الأخـرى يـبـدو الأمـر طبيعـيا؛ لأن أهـل الدار أولى فـرحـا بقـدوم السنة الـميلادية، لِـما تـجـسده عندهم من رموز وما تحمله إليهم من بشـائـرَ قديمــةٍ مازالـــوا متمسكين بـها .. يُــحــيُــون الليلة الفاصلة بين سنة مضت وأخرى قـادمة احتفـاءً بـهـما مـعـا، سنةٌ زائـلـةٌ ملـيـئةٌ بالعـمل والعطاء، وأخـرى قـادمة لـن تزيد السابقة غير بنـاءٍ مستمر وترسيـخٍ لحب وطن إليه ينتمـــون.
شـرقـيـاً، في المغرب خـاصةً، تبدو الـمـفارقـةُ أوسـع، والـنازلة أضخـم، شكليـاً، يعبرون عن استقبال السنة الجديدة لذكرى هجرة النبي (ص) بمزمـار، يكشف في العمق عـن بُـعـدٍ تاريخي أصيل، يرمـزُ لـهـويـة أصيـلة بروح صـافية، خالية من دَنـس مايبغـون تـمريره عـبر قـناتهـم؛ الـمكتفية يـومـهـا بـإعـادةِ فـلمٍ طـال أمـدُهُ، فـلـمٌ لـم تُـستخـلَص منه العِـبَـرُ المبتغاة؛ لـذلك وبنيـةِ الـمتوجّـس تنقـلـوا مكـانيـاً؛ لينـقـلوا إلينا في نوع من الاستهـجـان جـهـلَ الـمـغربي بالسنة الهجرية؛ الفائتة منها والقادمة .. جهـلٌ تتحـملُ مسؤوليــتَـه كـل المؤسسات المنوط بهـا تشكيل ذات مغربية، متشبعة بـمـبادئ الوطنية.
ولأن ديـنَ الإسـلامِ أحـدُ أقطـابِ الهويــةِ المغربيةِ، فالجهـلُ بـه وبمتعلقـاته يسئ لمبدأ الوطنية المغربية.
لـو كـلفتْ قنـاة من قنواتنا العديدة نفسـها ونظـمت مسابقة عن موضوعٍ مرتبـط بالسنة الهجرية لكلّـف المتتبع؛ المفتون بالربح الموهوم نفسـه أيـضـاً بالبحث ومن ثَـمّ مـعـرفة أي سنة سيستقـبل، أم إن الربـحَ لـن يكون بمثـل ماستجنيه عن مسابقةٍ لـها علاقـة بالميلادية، وأي موضوع "فنان راي محبوب لدى المغاربة" .. ولأنـي مفتون بالمقارنة استفـزني السؤال وقلت حـالمـاً: "لو نـظـموا في السنة الهجرية مسابقة عـمّن قال فيه خير البشر: "لا تؤمـن حتى أكون أحب إليك من نفسك".
"وامْــسْـطـي هــذا ..!!"، أكيد سيقولـها أكثر من قارئ للعـمود؛ لكن أدعوه للتراجـع عن حـكمه لأني قلت آنفـاً "حالـمـا"؛ أي من باب الحلم، لأني أدرى بـمن يحـرك دواليب الإعـلام في شموليته، ولست أبـلهـا حتى أنتظـر من جهـة تقـديم خدمة للوطن والدين من غير ربح مـادي تبتغيه الـمسابقة.
لا أزعـم أن هـكذا توجهـات يبغي من خلالهـا المشرفون خدمة الآخرين من دون خدمة الوطن، فالأمر لا يبتعد من بُـغـية خدمةِ الذات؛ من ربح وتحقيق نسبة مشاهدة في السهرة المقامة وعائدات الرسائل الهاتفية؛ المهنئة بحلول السنة الميلادية الجديدة؛ في وقت أيضـاً نتيجـةُ المعادلة تـؤكـد أن الرابح الثاني هـم ذوو الأهداف السياسوية؛ بمعنى تتليف الشعب من خلال تــخـذيره بنيكوتين الأمسيات الضخمة حتى تُـمـرر في نفس تلك الأيام القرارات الصعبة.
احتفـاءً بالسنة الميلادية الجديدة يتم التهيئ والاستعـداد والإعلان عن ذلك أيـام بعيدة قبـلاً، وتنفق يومَـهـا أموال طائلة، تأتي من الخزينة "اللي على بالْــكْ".
أما السنة الهجرية؛ والتي لا يـلُــونهـا كما سلف القول أي اهـتمـام، يزداد الأمر سوءاً / إساءة لهـا لمـا يحـل العاشر منهـا، يوم "عاشوراء"؛ إذْ تتحـول معـظـم الشوارع إلى حالة طوارئ، يخشى السائـرُ فيـها عن نفسه من البيض الملطخ بمـاء يلحق ضررا بالإنسان، أو يقـذفـك بـماء تخلّص منه بعد أكسدةٍ وتخزين ثم تسخين، أحـدثـك بعيون المتابـع لاحتفالات / اختلالات يــوم عاشوراء المـاضي، ولا أخفيك أمـر تـدخـل القوات الأمنية أمام بعض المؤسسات التعليمية لثني أبطال الأمة؛ الذين يُظهـرون حِـرفيـةً في الإجـرام وابتكـار عمليات قـد تصـلُـح يومـا للدفـاع عـن الـوطــن ..!!.
ليس مـن بــاب الشوفينية أطرح الموضوع؛ وإن كان حب الوطن من الإيـمان، إنـما خـوفـاً مِــنْ أن تـتـمزق هـويــتُـنـا المغـربيةُ الإسلاميةُ.
سنة سعيدة، هـجرية وميلادية، وكـل عـام والأمة الإنسانية في ســلام.

محمد بوشيخة
mljabri1979@hotmail.com
بجريدة "عيون الجنوب"، العدد: 22 يناير 2011م