الأحد، 27 ديسمبر 2009

بـــأقـاايغـان - إقـلـــيـم طـــاطـــا، أرادوهـا ثـــانيـــة بكـالوريـا عُـــنـوةً ..!!

بأقاايغـان – إقليم طـاطـا

أرادوها ثـانية بكالوريـا عُـنْـوَةً ..!!

ثـانويةُ "أبو بكر الرازي" التـأهيليـةُ، الإسـمُ الذي لـم تُـعرَف بـه بـعدُ، كـما لاتُـعرَف إلا بـأربعِ حُـجْـراتٍِ يتيمـة، مسـيّـبة في جانبٍ، تـابعة إداريـاً لثانوية المسيرة الإعدادية.

انطلق الـتدريسُ بهـا خـلال الـموسم الدراسي: 2007م – 2008م، وعـانى تـلامـذتُـها لحـظتَـها من خَـصاصِ هـذه المـادة الدراسية أو تلك، تَـمَّ التـرقيـعُ بتكليفاتٍ، لم تُعـفَ منها إلا هـذه السـنة.

حـضر أسـاتذةٌ جـدُدٌ واستوى الوضـعُ من جانبِ الـمواردِ البشرية، المكلّـفة بالتدريس، أمّـا الإدارةُ كما البنايات ومن تّـمَّ الاستقـلالُ الكليُّ يبقـى مُنتَـظَـراً يـأملُ مَـنْ هـم أصـلاً مـدعاة للـحديث عـن "مدرسة النجاح" و "المخطط الاستعجالي"، يأملون تحقُّقَـهُ السنة المقبلة، وإنها وعودٌ قطعَـتها الجهات المسؤولة عن نفسها، كما علمتِ الجريدةُ من إداري داخل المؤسسة.

وإنْ كـانت كـلُّ هـذه مشـاكلُ داخلية وخارجية تتخبّـطُ فيها الثانويـة التأهيلية المعنية، قـد يـزعُـمُ قـائـلٌ: " ومـع ذلك فـالقاطرةُ تسيـرُ "، لكن الذي يتنافـى والحديثَ عـن "الإصلاحات" و"محاربة الهدر المدرسي" و "تشجيع التمدرس" و " محاولة القضاء كلياً على الفصل من متابـعة الدراسة"؛ الذي يتنافى مع ذلك هو الـفِلــمُ الذي مـن ورائه أكـثر من مخـرج؛ فِـلمٌ مازال المتتبـع يتفرج عليه إلى حدود الساعة، "اعــــتمادُ الثانية بكـالوريا".

سعت الجـريدة كشـفَ مشـاهدِ هذا الفلم، حتى تتـوضّـحَ مـعالـمُهُ وخـباياهُ للـمتتبّعين، وحتى تُـزيـلَ الغَـمامَ على ممثليه، التلاميذ، ضحاياه.

تـلامـيذُ السنة الثانية بكـالوريا لهـذه السنة وجـدواْ أنفُـسَهـم بدايةً ضمـنَ لائحـتها وإنْ كـان أولى لهم أنْ يُـكرّرواْ الأولـى بكالوريا لضَـعفِ مـعدّلاتـهم؛ التي في معظـمها أقـلّ مـن ثمـانية من عشرين = (08/20)، في الاختبار الجهوي، وهو حـقٌّ كفَـلَتهُ الـوزارةُ لهـم حتى لايفقـدواْ الأمـلَ - وهـذا مـاهو حـاصلٌ الآن - من نجـاحهم وتـحصُّلهـم عـلى شهادةِ البكـالوريا.

نـعم الذين حصّـلواْ على المعـدل في الاختبار الجهوي لايتجـاوز عـددُهـم أصـابعَ اليـدِ الواحـدة، وقـد تكتمـلُ الأصـابعُ أو بزيادة عنها بواحـد إذا أردنـا أن نضيـفَ لـهم مَـنْ نصيـبُـهُ (08/20).

الغـموضُ الذي لـفَّ الـموضوعَ، هـو عـدمُ تـمكّـنِ التـلاميذ من التَّـكرار؛ إذْ لـم يعـرفـواْ بمستجـدّات المـذكرة رقم: 98، الـمؤرّخة بتاريخ: 04 جـمادى الثانية 1428هـ الموافق لـ: 20 يونيو 2007م، والتي تنـصُّ علـى "استشارةِ الأسـرِ بخصوصِ الانتقـالِ إلـى السنة الـختامية من سلك البكالوريا".

عندما استفسرتِ الجـريدةُ تـلامذةَ الثـانية بكالوريا عـن الـموضوع، أكّـدَ جميـعُهم في توقيعات لهم تتوفر الجريدةُ على نسخة منها، أكّـدوا أنهم لم يتوصلوا هم ولا أباؤهم بـأيّ استدعـاء، ومِـن تَـمَّ وجـدوا أنفسهم في السنة الـختامية، علمـاً أن معـدّل الاختبار الجهوي نصيبه من العملية الحسابية الختامية: خمسة وعشرون في المـائة = ( 25%)، مَـنْ يضمـن لهم إذن النجاح ومـعدلاتهم للأسف معظمُـها لايتجاوز ثمانية وينحـدر حتى 03/20، ليس السـؤال هـنا، وكيف نجحـوا مادام هـذا مستواهـم ..!!؟؟، ثم ألا يطرح موضوع نجاحهم من منطلَـقِ اعتمادِ نتيجـةِ المراقبـةِ المستمرة أصلاً أكثـرَ من سـؤال ..!!؟؟، لا، ليس هـذا موضـوعنـا، إنما ألا يـحِـقُّ لهم تَـكرار الأولى بكالوريا والوزارةُ الـوصيةُ تـذهبُ " أنه توخـياً للـرّفـعِ مـن مردودية النظام التربوي وتفادي الأثـر السلبي لـعامل الترصيد المترتب عن نتائج الامتحان الجهوي الموحد للسنة الأولى من سلك البكالوريا في تحديد المعدل العام الذي يخوّلُ نيـلَ شهادةِ البكالوريا، وموازاة مع المستجدات المترتبة عن مراجعة نظام امتحان شهادة البكالوريا، فقد تقـرّر ابتداءً من هذه السنة الشروع في اعتماد مبدإ استشارة أسـر التلاميذ الذين قـرّرَ مجلـس القسم انتقالهم للسنة الثانية من سلك البكالوريا، وذلك لاتخاذ قـرار انتقالهم أو عدمه إلى السنة الثانية من سلك البكالوريا" = ( تتوفر الجريدة على نسخة من المذكرة رقم 98 ).

نعم تبدو عمليةُ اعتمادِ السنة الثانية بكالوريا متـعَمَّـدةً، دون النظر في وضعية الناشئة، التي هي أصلاً مـحورُ العملية التعليمية التعلمية، وإلا فـلمـاذا – تماشياً مع الموضوع – لـم يتمكّـن التلاميذ أيضا من تعبئة ورقـة الـرّغْـباتِ، إنْ أرادوا مسلكَ الأدب دون مسلك العلوم الإنسانية؛ الذي وجـدوا أنفسهم فيه دون سابق إعلان، وهو أيضاً ماعبروا عنه بنوعٍ من الـمرارةِ ولاأمـرَّ من عـبارة أحـدهم سُـخْـطـاً، لـمّا أجـابَ أسـتاذاً لـه عـن سـؤاله المتعلق بـهذه الأوضاع، قـال وبحسـرةٍ " احْـنـا غِـيْـرْ بْـغـاوْ اعْـمْرو بينا الشقْـفْ "، العبارةُ هـذه لـو وقف عنـدها عـالمُ النفس لَـقـالَ " رُدُّوا لأهـل الحق حقّـهُم، كيفَ لا وقـد تـركّبَ في القائلِ وفي غيره بُـعـدُ * الـحْـكْـرَة *، كيف لا وقـد حرمناه مـن حقّ كفلتـهُ الـوزارة، سيميـائيـاً الصورة واضحـة، فكلـمات " بْـغـاوْ " و " اِعْـمْـرو " و " الـشْـقْـفْ " لاأدَلَّ منهـا، أمـا الأبـعاد الـدّلالـية، فيكفيـكَ أيهـا القـارئ أن تعـرفَ مـاذا يوجـدُ بـ: " الشْـقْـفْ "لـتردّدَ " لاحـول ولاقـوة إلا بـالله ..!!".

يُـصرّحُ للـجريدةِ أحـدُ الأسـاتذة بهذه الثانوية التأهيلية، والذي يـرى نفسـه معنيا بشَجْبِ الموقف: " وقـد أثـار حفيظـتي أقـوال بعض تـلاميذ مستوى ثانية بـكالوريا في الموسم الـدراسي (2009م / 2010م) حول توجيههم جميعـاً إلى شعبة / مسلك العـلوم الإنسانية؛ حيث أخبروني بـأن جـزءاً منهم تـوجه إلى تلك الشعبة والجزء الآخـر تـوجه إلى شعبة / مسلك الآداب لـما يحققانه من فـرص متكـافئة في الجامعة أو الكلية، ولـكلٍّ وجهة هو مولّيها، فـأخبرتهم أن الأمـر يتعلق بالإدارة وبالخصوص الـمُوجّه، وهل توصلوا بطلبات التوجه وملئهـا أم لم يتوصلوا فالإدارة لم تجزم لي بـذلك فـبدا الأمرُ غـامضـاً حـول الـدّافع الذي أدَى إلى ذلك = (بَـايْنَة الـهْمْ اللّـي عند الأستاذ خْـلاّهُ اِمْـشِي اسْتْفْسْرْ الإدارة) – يضيفُ الأستاذ الغيور في تصريحه – ومن الأمور التي شكلت لـديّ قلقـاً مفاهيمياً عـدمَ تـوصّل التلاميذ باستدعاءات حول طلب تَـكرار السنة الأولى بكالوريا، مسلك الآداب والعلوم الإنسانية، وأنّ التأريخ أو الإعلان المتعلق بـذلك =( 15 شتنبر) أُغفِـلَ أو تغافله التلاميذ الحاصلين على نقط ضئيلة ومـاأكثرهم، في الامتحان الجهوي ".

معظم أساتذة الثانوي التأهيلي؛ الذين التقتهم الجريدةُ يشجُـبُون وينـدّدون بهـكذا فعـلٍ، ويذهبون مذهبَ زميلهم في العمل والمحنة، بل ويتحـسَّسُونَ في أعيُـنِ تـلامذتهم حـسرةً، أراد أحـدُهم للأسف بحسن نية أو لاندري إزالتها، ويظـنُّ بفعـلهِ مـن جانبِ صفّ المتعلمين، والحال أنه يُسْـهمُ في تـكريس وضـعٍ لـم تُـردْ بـه قـراراتُ الـوزارة الـوصية.

بـناءً على مشاهد الفلم؛ التي لـم يعد الـمتفرجُ يعرف مخارجـها، لا ولا مـآلاتها حاورت الجـريدة الجـهاز الإداري لإزالة مـاكسا المـوضوعَ مـن غـموضٍ، والنظـر في الدافع مـن وراء هـكذا خُطْـواتٍ وقـراراتٍ غير محسوبةٍ أو على الأقـل لم تراع مـحور العملية التعليمية التعلمية.

السيد المدير يرى أنه أعـلنَ بـدايةَ شتنبر عـن مسـألةِ الـرغبة فـي تَـكرار السنة الأولى بكالوريا، إعـلانـاً عـامـاً، آخـرُ أجله: 16 شتنبر، في وقتٍ تسـطِّـرُ وتعتبـرُ الـمذكرةُ الـمنظِّـمةُ للعمـلية "شهـرَ يوليوز كـآخر أجـل للتوصّـل بطلبات حـقّ الاستفادة مـن التَّـكرارِ مـوقـعة من طرف السلطات الـمحلية = ( المذكرة رقم: 98).

إذن الـمسألـة فيها إرسالُ استـدعاءات لـلآباء، لامـجرد تعليـقٍ للإعـلان، وقبل متَـمّ شهـر يوليوز، لا شهر شتنبر.

وقد يبقـى فـعلُ السيد المـدير مشروعـاً من جـانبٍ آخـر؛ لأنّـه مجردُ استدراكٍ ليس إلاّ؛ لأن الـجريدة علمت من مصدرٍ مـوثوق حضـر المداولات الأخيـرة للسنة الـمعنية أنّ السيد الـموجه التربوي حضـر على أساس تـرسيم بكالوريا بعدد مقبول، وبتوجّـهٍ مـوحّـد، في غيابٍ تـامّ لـذاتية الـمتعلم؛ الذي أصـلاً لم يُستشـر في الـتوجّه، فكيف سنستشيره في النجاح أو الـتَّـكرار، وللمزيد من توضيح المسألة اتصل السيد الـمدير هاتفياً بـمراسل الجريدة بعـد اتصاله بالـموجه التربوي، ليتفضّـلَ الأخـيرُ أنـه في لقـائه مع تـلاميذ الأولى البكالوريا، أواخر السنة، أوضح لهم الأمـر، وأنهم مَـنْ عليه التفـضّـل للإدارة لتعـبئـة الـمطبوع، ويـردف السيد الـمدير قـائـلاً: "حتّى التْـلامْـذْ كـايْـتْـحْـمْلو الـمسؤوليه، غِيْـرْ انتهت السنة اُوغـادْرو كاع مـادّاوْها فْـهـادْشي حتّى لْدابـا ويْـبْـداوْ في اللوم والعتاب".

ألا يبدو الفلم إذن غـريبـاً، خـاصّةً لـما تجـد حالتـيْن لُبِّيتْ لهـمـا رغبـةُ الـتَّـكرار أخيراً، نعم أخيراً فقط؛ حيث رُدَّ على طلبهما المقدّم سلَفـاً بـالقَـبول وحالات أخرى لـمّا تـوجّهت عند السيد الـمدير لأجـل ذلك تعود وهي خـاوية الـوفاض، بدعوى "الأجـلُ فـاتَ".

نعم الأجـل فات، لكن لـماذا لانلتـزم جـميعُـنا بالأجـل الـمحـدّد أصـلاً في الـمذكرة، ثـم مـاكان لـتُطـرَحَ مـثلُ هـذه الإشـكالات لو أنّ بنـود "الميثاق الوطني للتربية والتكوين" مفـعّلَّـةٌ، فـالمؤسسة تعـرفُ فقط مجرد زيارات للموجه التربوي، فكيف بالتلميذ أن يستوعـبَ زَخَـماً من المسارات في سـاعتين أو ست ساعات علـى الأكـثر.

أين تـكافؤ الفرص المتحدّث عنه في كثير من الإصلاحات وإصلاح الإصلاحات = (المخطط الاستعجالي)، في وقتٍ تلـميذٌ لم تُتـح له فـرصـةُ تعتبئةِ ورقـةِ الـرّغْـباتِ من سنة إلى سنة، وآخـرون في مدنٍ كبرى يتنّـقّلون من مـدارسَ إلى أخـرى لـعامـلِ معـرفتهم بدروبهـا وسيّـدُ الـموقفِ هنا طبـعاً هـو الموجه التربوي.

متى نـؤمن أن الـمغربَ واحـدٌ، مركزاً كان أو هـامشاً، والتلاميذ أبناؤنا جميعاً وهم مشعلُ ومستقبلُ وطننا الحبيب، الذي نعـتزّ به، كـانوا في أقاايغان – إقليم طاطا أو في مدينة كبرى ..؟.

ونحـن نغـطي الظاهرةَ نسمـعُ حينـاً بعد آخـر هـمهـماتٍ من هذا أو ذاك: "وَهاهْـمّا كاع عـاوْدُو، راهْ والُـو، بْحـالْ بْحـالْ، وِيـلا جـابُو هـادْ السنه ثلاثة على عشْرين فلاختبارْ الجهوي، العام اجّـايْ اِجيبُـو بْحـالْهـا وْلاّ قْـلْ".

ليكون الجواب من جنس السؤال، وبسطحية نقول: "الـمُهمْ اعْـرفُو حْقُـوقْهْـمْ، اُوديـكْ السّـاعه هْـمّا اخـتارو، اُومـايكونوشْ مفعولين بهم"، والوزارة الوصية في كثيرٍ مـن قراراتـها تـركّـزُ على أن يكونَ المتعلم فـاعلاً، مرفوعـاً، وعلامة رفعـه: مسألة الاختيار/ الحق في إعادة الأولى بكالوريا/ المشاركة في مجالس المـؤسسة/ المشاركة في مشاريعهـا.. وأنّــى لـه ذلـك .!!.

لابـد أيضا من الإشـارةِ أنّ بعض التـلاميذ، وهم قلة قليلة، يرغـبون فقط تـزجيةَ وقتٍ، في سنـةٍ بـأكملها، لأنهـنّ عـبّرن بعدم الرغـبة في التّـكرار، ولو حصَّلن على معـدل ضعيف جـداً، ليس لأنهن يَـثِـقْنَ في أنفسهنّ؛ إذْ سيعاندْنَ اجـتهاداً من أجل الفوز بشهادة البكالوريا، لا، إنّـما رغبةً في مجاورة أصدقاء السنة الفـائتة، أمـا ماستأتي بـه هذه السنة فلا يلتفتنَ له.

وتبقـى الـرَّحـى تـدورُ وتـردِّدُ سـمفـونيةَ: "غيـاب التوجيه والتوجيه الـمستمر والفعلي لَهـو أحـدُ الـدوافع الـرئيسَـةِ من هـكذا *حْـصْلَـة*".

سـتستمـرُّ الـجريدةُ في عـددٍ قــادمٍ تقديم سيناريوهات هـذا الفلم، من خلال لقـائهـا بالسيد النائب الإقليمي لنيابة طاطا ومحاورتها لـه في الموضوع؛ حيث لم تتمكن هذا العدد من ذلك، لأنّ الإدارةَ وإنْ أتـى منها مـاقد أتى فتبقى مكـلّفـةً، ويمكـنُ أن يكون لديها أكثر من مبـرِّر وإنْ هـو غيرُ مـبـرِّرٍ أو مـبَـرَّرٍ.


الكاتب الصّـحفي: محمد بوشيـخة
نُشِـرت التغطيةُ بـجريدةِ "عيون الجنوب" الرودانية، العدد:التاسع، دجنبر: 2009م