الأربعاء، 1 يوليو 2009

الانتخابات الجماعية الأخيرة بأقاايغان - إقليم طاطا وتحالفات منتظرة، استجابة لأصوات الساكنة ..!

الانـــتــخاباتُ الجـماعــيـةُ الأخـيرةُ بأقاايغان – إقــليم طـاطـا وتحـالُـفـاتٌ مُـنتَـظَـرَةٌ، اسـتجابــةً لأصـواتِ السّـاكـــنــةِ ..

لـمّا تـلتقـي الـمُفتـرِقـاتُ، وتتوحّـدُ الاختلافـاتُ، تَبـتَـعِـدُ رئـاسةُ الـجمـاعةِ وكذا النيابات الثلاثـة فيها عن الشخوصِ المنتمِـينَ للأرض الـمُحْتَـضِنةِ لهـا (= بلدة أقاايغان)، لكن يبقى أن الإنصاتَ لـهمومِ السّـاكنةِ وتقديـمَ وعودٍ ترمي إلى العمل الـجادِّ، وتحقيقَ مشاريـعَ تنمويةٍ، ثم تـوحّـدَ الأفـكار بين الممثلين للمكتب – يصرح لنا رئيسُـهُ الـمنتخبُ محمد فـائز -، كـلُّ ذلك كـان وراءَ المكتب الجديد، ذي التشكيلة التاليـة: - محمد فـائز، رئيسـاً، عن حزب الأصالة والمعاصرة. - كلثومة أيت مولاي محند، نائبة أولى، عن حزب الأصالة والمعاصرة. - علي مستحسن، نائبـاً ثانيـاً، عن حزب الأصالة والمعاصرة. - احـماد أيت موسى، نائبـاً ثالـثاً، عن حزب الاتحاد الاشتراكي. لقد أكّـد الرئيسُ المنتخَـبُ في دردشةٍ سريعةٍ معه، بُـعيـدَ فوزه أنه سيستعمـلُ جميعَ القـوى للعمل في هذه المنطقة، ملبياً كلّ طُـموحاتِ سكانهـا؛ الذين وضعـوا فيه الثقةَ، بالتصويت له في الدائرةِ التي انتُـخِبَ فيها (= تسكموضين)، أو بانتخـابِـه من قِبَـلِ الأعضـاء الفـائزين في دوائرهم، رغم تباعُـدِ تمثيلاتهم الحزبية، الفـوزُ الذي أتى بعـدَ منافسةٍ صعبةٍ مع خصم اتحـادي، كما يعتبـرُ الرئيسُ الفـريقَ المنتخبَ جبهـةً جـادّةً وحـازمـةً لأجل بلورةِ استراتيجياتِ عمـلٍ قمينـةً بإخراج المنطقة من ساحة الهامش. نـائبتُـهُ الأولـى، كلثـومة أيت مولاي محند، تـرى فـوزَها استحقاقـاً منتَـظَـراً، للثقة الـمُتبَـادلَةِ بينها وبين ساكنة دائرتها (= اسرغين)، نفسُ المجرى يعومُ فيه النائبُ الثاني (= علي مستحسن)؛ إذْ فوزُهُ في دائرته لم يكن مفاجِئـاً أو بعيدَ المنال/ التصوّر، والاختلافُ الوحيدُ بينه وبين الرئيس والنائبة الأولى يكمن في الخصم حزبيـاً، فمنافسُـهُ من الاتحاد الدستوري، عن المكتبِ يباشرُنـا مستحسن أنه أُفْـرِزَ استجابةً لطموحـاتِ الـمترشحين، ورغبةً في ضـخِّ دماءٍ جديدةٍ. الـنائبُ الثـالثُ (= احماد أيت موسى)، عن دائرة تِلفُـو، الفائز هنالك دون منافسةٍ، الممثلُ لحزبِ الاتحاد الاشتراكي؛ وإنْ لم يكن أصلاً منخرِطـاً فيه، كما يصـرّحُ لنا بنفسه، بل كما يذهبُ النائبُ الثـاني إلى أن معظم الفائزين باسم الاتحاد الاشتراكي لم يكونوا منخرطين أصلاً، ويضيف لنا بعظمة لسانه، وأنا أتحمل كامل المسؤولية من كلامي. عـن التحالفِ الذي أفـرزَ المكتبَ والذي يبدو غريبـاً للمتتبّع للساحة السياسية المغربية، وبعد القفـزَةِ الـمُهوِلـةِ والمهرْوِلة إلى المعارضة من قِبَـلِ حـزبِ الأصالة والمعاصرةِ، نجدُ الصورةَ بهذه البُـقعةِ الـجَغرافيةِ ترتدي زيّـاً معاكسـاً للمشهد العام، أمـرٌ بـرّرَهُ كـلُّ الذين حاورناهم، أعضاء المكتب الجماعي الجديد بأنه جاء استجابةً للتغيير واعتبارِ مشاغلِ الساكنة فوق كل العلامـات السياسية. اِرتـماءُ فـائِـزِي حزبِ الاستقلالِ في بقعةِ التحـالف مع الأصـالةِ والمعاصرةِ يبـرِّرُهُ الأستاذ عزيز لحبيب، كاتباً عـامـا للفرع وعضواً في المجلس الوطني ثم مترشحاً عنه في دائرة أقاايغان – تراب الجماعة، أنه ليس غريبـاً ولاصُـدفَويـا، فحزبُ الاستقلال - يضيفُ – يعتبـرُ حـزبَيْ الأصـالة والمعاصرة وكـذا الاتحاد الاشتراكي شريكين في العمل، فقط يبقى أن الإملاءات السوسيوثقافية والتسييـرية للجماعة الفائتة المتوفية لهما الدّافعان لوضع اليد في يد الأصيليـن المعاصرين، كـما أنّـهُ تحـالُفٌ استجابةً لغَليانِ سكـان البلدة ورغبتهم الأكـيدة في التغييـر. يـأتي حديثُ ممثلِ ومترشّـحِ حزبِ الاستقلال عزيز لحبيب هذا ضمن دائرةِ أقاايغان عن التحالف مع الأصالة والمعاصرة من خلال ممثلي الحزبِ الفائزين في دوائرَ أخـرى، أمّـا هـو فقـد انهزم أمام المترشح عن حزب الاتحاد الاشتراكي، الرئيس سـابقـاً. نسجّـلُ أخيراً؛ حيثُ ابتدأنـا التغطيةَ عن الـمـفارِقـاتِ، نسـجّـلُ غـرابةَ التحـالُفـات، حتى من قِبَـلِ الـحزبِ الـواحـدِ، خاصة الاتحاديين، فبعضُ فـائزيـه صـوّتُـوا لصـالحِ المترشّـحِ عن الأصـالة والمعـاصرة في وقتٍ كان بالإمكان أن تنعكسَ صورة المكتبِ الـحالي ويكون الرئيسُ الفائتُ هو الـرئيسُ اللآني، لكنّ تشـرذمَ الحزبِ على المستوى الوطني انعكس على تـربة أقاايغان، أمـرٌ ليس ببعيـدٍ ولم يعد حتى غريبـاً لـمّا تسـأل النائبَ الثالثَ عن كيف الوصول للتزكية من قِبَـلِ حزب الاتحـاد فيكون الجـوابُ هو غيـابُ الجـوابِ ونهـايةُ الحـوارِ ..!!. هـذا وقد شهِـدتِ السّـاحةُ إبّـانَ الحملة الانتخابية – تُـصـرّحُ النائبةُ الأولى كلثومة أيت مولاي محند – خـرُوقاتٍ على مستوى أخلاقيات العمل السياسي (= رشاوي وعنف معنوي وأحيانـاً مادي) – تضيفُ – خـاصةً في دائرتي أقاايغان وتسكموضين، كمـا يؤكد ذلك وبشدة عزيز الحبيب. في السياق ذاتِـه التقـينا الرئيسَ الفائـتَ، السيد محمد جاجا، فحدّثـنا عـن التحلّف (= نعم التحلّف، هكذا سـمّاه ..!)؛ الذي تَـمَّ بدل التـحالف بين مكونات المكتب الجماعي، بنـاءً عـن أنّ العملية أسـاسُـها تجميع الأعـضاء بطريقةٍ غـير مشـروعـةٍ والارتـكاز على إغـراءاتٍ وإشـاعاتٍ كـاذبةٍ وواهـيةٍ. حـملـتُهُ – يضيفُ – انْـبَـنَتْ عـلى شعاراتٍ وأدبيات اتحاديةٍ ، والمنافسة غير متوازنة، لاختلاف المنهجيات والطرقِ بين الحـزبينِ الـمُتنافسينِ، هنا يقصدُ الحزبَ الذي فـازَ بالرئـاسة، أمّـا دائـرتُـهُ فقد نـالَ منها نجـاحَـهُ .. خَـتَمَ الرئيسُ كلـمتَـهُ بمتمنياته التـوفيقَ للمكتبِ الجديد، وأن يكون أعـضاؤُهُ على قـدر ماوعـدوا به الـمجلس، كـما تمنى له النجـاح، ففي نجاحه نجاح للمنطقة. إذن السـنواتُ المقبِـلةُ هي وحدهـا الكـفيـلةُ بالإجابةِ عـن تطـلُّعـاتِ سـاكنةِ كـلِّ هذه الـدّوائـرِ ونـحنُ إزاءَ جـماعةٍ برئـاسةٍ تسكموضينيةٍ، تْـرَاكتورُهـا شـابٌّ فـائـزٌ بالإسم والمعنى على ابن عمومتـهِ الاتحـادي .. وحتى تُـباشـرَ القيادةُ الجديدةُ عـملَهـا الفعـليَ وننـظُـرَ الـعمـلَ على الأرضِ، متمنيـاتُنا لكل الأعضاء بالتـوفيقِ، سيـراً على مفاتيح العـمل الـجـادِّ، وخدمـةً للصالح العام وتلبية لمشاريع التنمية البشرية.
****************
إشـارة، هناك دراسة سوسيوثقافية شاملة ومطوّلة عن أبعاد الانتخابات في إقليم طاطا كلّه ننجزُها وقريبـاً سننشُـرُهـا .. هـذا وهنالك مقـالٌ جـيّد للزميل الكاتب محمد البوزيدي، ضمن الكتاب المشترَك "السلوك الانتخابي بالمغرب"، سلسلة الشروق، بعنوان "الحملات الانتخابية بالمجتمع الواحي"، يصبُّ في نفس مجرى سلوكات سكان إقليم طاطا، بنوع – طبعاً – من الاختلاف. هـذا وإنّنا سنتابعُ أعـمال المكتب الجماعي الجديد بعَـيْنٍ صِحافية نـافذةٍ، هدفُها إيصال المعلومة الدقيقة للمتابع القريب والبعيد.

ذ - محمد بوشيـخة
كاتبٌ وصِـحَفِيٌّ من زاكورة، أستاذ بأقاايغان، إقليم طاطا.

الناقد عبد العاطي الزياني وتوقيع كتابه النقدي.














الدكـتورُ النّاقـدُ عبد العاطي الزياني وحـفـل توقيـع كتـابـه: "التراث النقدي والتأويل، ظـواهر ... وقضـايا" بين أجنحةِ المقهى الثقافي ونادي الصّـحافة ودائرة نقـاش مفتـوحة بثانوية المـسيرة الإعدادية، أقاايغان، إقليم طاطا، جنوب المغرب.

لـم تعد سـابقَـةً، إنّـما لـونُهـا في هذه الـمحطّـةِ هـو الجديـدُ، حضـورُ نـاقدٍ من وإلى الجنوب ينتمي، ناقـد أَلِـفَ أغـوارَ الهـامش وأدركَ خبايا دُروبِـهِ، واستـطردَ كثـيراً من سِـحرِ حكاياتِـهِ، حتى بات بـهذا وذاك رُكـناً يتهاوى الجنوبُ الشـرقيُ بغـيابِهِ. لم تعد سابقـةً، نعم، إنّـما جديدُهـا في الإحسـاس الـمتبَادَلِ بين كاتبٍ ومُتلقٍّ، بلغَ حـدّ الـتّماهي، تبـيّنَ في الانصـهار الذي أبـانَ عـنهُ الـمتعـلّمون وكـلُّ الـمتلقّـين. بدايـةً، وبعد أن تجـوّلَ ضيفُـنا الكريمُ في أرجاءِ الـمؤسَّسة بمعيّـةِ الأسـتاذَيْـنِ الـفاضِلَيـنِ: الـمحجوب أمان وطـارق عَـلاّ، القـادِمَـيْـنِ من ثانويةٍ تأهيليةٍ بعيدةٍ جَـغرافيـاً لمشاركةِ براعمِ المؤسسة حَـفلَـهم الثقافي، إلى جانب عبد الرحيم كِري ومحمد بوشيخة، أستاذان بالمؤسسة الـمُـحتَـضِنة للنشاط، - بعد ذلك - افـتُتِـحَ اللقـاءُ؛ الذي حضـرَهُ جمهورٌ غفـيرٌ من الـتـلامـيذ، شاركهم رئيسُ المؤسّسة لحسن أنجبور ورئيسُ جمعية آباء وأولياء التلاميذ محمد جاجا، ثم فعّاليات جمعوية (= عزيز الحبيب وحسن ندمنصور)، في الوقت الذي تغيّبَ عـنه أساتـذةُ الـمؤسّسةِ وإداريـوها، وتلك للأسف سُـنّةٌ باتتْ مُـؤكّدةً سـار هـؤلاءِ على نهجِـها لـحاجاتٍ في نفس اليعـقوبيين يريـدونها ولسوء حظّـهم لم يبلُغـوها. وحتـى لانُـعطي لِـمَنْ لايستـحقُّ نصيبـاً من كـلامـنا ضمن هذه الـتغطية، نعـودُ لأجواءِ اللّـقاءِ الذي افـتتحهُ منشّطُـهُ الأستاذُ محمد بوشيخـة ترحيبـاً بالحضور الكريم، مـقـدّمـاً ورقـةً تعريفـيةً بالكاتب الناقد عبد العاطي الزياني، متجـوِّلاً بذلك في حـدائق مساهـماته الثـقافية، تعـلّقَ الأمـرُ بالنّـشرِ أو الـمُشاركاتِ في الـمنتدياتِ أو التحضـير لـهذه ضمن: "نادي الـهامش القصصي" بـزاكورة، ثم "الخـيْمة الشعرية". ولبـسْطِ البِـساطِ أمـامَ الـحضورِ الكريمِ شـاءَ الـمُنشِّـطُ مـلامسةَ عُـمقِ تـجربةِ الـكاتبِ النقديّة بالسؤال عن الـبدايةِ .. الـمرحلةُ التي تعبـقُ بكثيرٍ من الـدّلالات الـمرتبِطةِ بـزمنِ الطفولة، زمنِ اللهو، زمنِ اللّـعِبِ، أمـرٌ يوحي بـه في نوعٍ من التّساوق بين فعلِ الكتابةِ وفعلِ اللعبِ افـتتاحُـهُ كتـابَـهُ النقدي الأول ببيتٍ للشـاعر أبي نوّاسٍ، جاء فيـه: لـقد صَـارَ جِـدّاً مـالَـهَـوتُ بـه ** رُبَّ جِـدٍّ جَـرَّهُ اللّـعِـبُ (= ص: 04). فـي إشـارةٍ منه إلى أن الكتابـةَ هي مَـنْ تُـقبِـلُ على الذّات الكاتبة، لاالعكس، فَبِلا انقطاعِ القـراءةِ حتمـاً سيسكُـنُكَ شيطـانُ الكتابةِ ..!!، النّـاقدُ ليس مِـن طِـينةِ مَـنْ يتسـلَّطُ عـلى الفعلِ عُـنوَةً؛ إنّمـا هـو فريسةٌ تـمَّ اعتـقـالُها والـزجّ بها في هـذا الميدان الـرّحبِ، دون سابقِ إعـلانٍ. ردَّ الـنّاقدُ بسُيُـولةٍ في التعبيـرِ واستـدعـاءٍ لجهـازٍ مفاهيمي تلاءمَ وجـمهـورَهُ المتلقي، أحدثَ بذلك نوعـاً من الاستغرابِ لدى الـمتتبّـعِ الـمتخصّصِ؛ إذْ هـو في كتابـاتِهِ النقديةِ يعتمـدُ الاستغـوارَ وتـوظيفَ الغَـريبِ اللفظـي، المكسوّ برداءِ التبسيطِ، وهـو أمـام النّاشئةِ يُبَسِّـطُ حَـدَّ الـتمكُّـنِ من عقـلِ كـلّ متتبّـعٍ مـهما انحـدرَ مستـواه. أجـابَ الكاتبُ الضّيفُ عـن السـؤالِ الأوّلِ، كـما عن سؤال عـلاقةِ النقد بالأخلاق، مـارّاً بالإسهـامات التي حـقّقـها ويُحـقّقُـها فضـاءُ الـهـامشِ، احتفـاءً بالفعل الثقافي، رغم ضَـعْـفِ الإمـكانات، ثم بـروز وطـغيان مخالب المعيقـاتِ. بعـد ذلـك كـلّه فسـحَ الـمنشِّطُ الـمجالَ أمـام المتلقي ليُـعانقَ سراديبَ تجربةِ ضيفِنا .. فمِـنْ مقاربةٍ نقديةٍ للكتاب تُسـائـلُ الـمنهجَ فيه تفضّـلَ بها الأستاذان المحجوب أمـان وطارق عـلاّ، إلى رغْـبـاتِ الـمتعلّـمين من خـلال تسـاؤلاتهم الكثيرة والمتنوعة فـي التمكّنِ من الـخيْـطِ الـمُنفلِتِ الذي شَـدَّ منه الكاتبُ لتتشـكّلَ أمـامَـنا صـورتُـهُ النّـقديـةُ. أشـار الـمنشّـطُ إلى مايبدو غيـرَ معـلومٍ لدى قارئِ ضيفِـنا؛ إذْ إِنَّـهُ إلى جانبِ كـونه نـاقـداً (= أمـرٌ لم يعد يحتاج لبيانٍ من خلال الإصدارَيْـنِ: "التـراث النقدي والتأويل، ظواهـر وقضـايـا" ثـم "الـماكرو تخييل في القصّة القصيرة جـدّاً بالمغرب")، فهـو كاتبُ قصّـةٍ وشِـعـرٍ .. هـذا وقد تخلّـلتِ اللّـقـاءَ الثـقافـيَ الـمفتوحَ أربـعُ كـلمـاتٍ في حقِّ الـناقد عبد العاطي الزيانـي: - كلمـةُ نـادي الصّـحافة، قـدّمها رئيـسُ تحـريرِ مجـلّته "صوت التلميذ"، عبد الحفيظ أيت عـلي، جاء فيـها: "نـادي الصِّحافـة؛ هـذا الـنّادي الـمُشـاكِسُ، الـمثِيـرُ لأكـثرَ من سُـؤالٍ، تأسَّـسَ لا لِيَـفْضَـحَ ويُنِـيـرَ، لا ليـستـفِـزَّ ويُحسِّـسَ، إنّـما إلى جانبِ ذلكَ كـلِّـهِ ليُـكـوِّنَ. سعـى الـنّـادي مُـذْ بِـدايَـتِهِ؛ من خـلال الـمواضيـعِ التي أثـارَها وغـطّاها تشـكيلَ ذواتٍ ترتدي زيَّ الـصِّـحَافةِ، كيف أُخبِـرُ ..؟، كيف أُحاورُ ..؟، كيف أغَـطّي ..؟؛ بل كيف أَسْـتَرِقُ الـمعـلُومـةَ ..؟. نعـم للتَّـدَبـدُباتِ التي مـرّ منـها الـنّادي، لـكن رُبَّ فـاعلٍ متـعثِّـرٍ أخـيـر من فـاعلٍ غيـرِ فـاعـلٍ. نادي الـصّحافةِ ومـجلّـتُـهُ "صوت التّـلمـيذ" يُـرَحِّـبان بالدّكتـورِ النّـاقد عبد العاطي الزيـاني، شـاكـرانِ لـهُ قُـدُومَـهُ وتَـحَـمُّلَـهُ مَـشَاقَّ الـسَّـفَـرِ للسَّـمَـرِ ثَـقَافـةً مع أبـناءِ الـجنوبِ. نادي الصّـحافةِ ومـجلّتُـهُ يُـحَـيُّـونَ الـحضـورَ الـكريمَ؛ الذي بِنَسِـيمِـهِ دومـاً نسْـتَنشِـقُ تلك الـرّوح المـفقـودة .. الذي بـرُوحِـهِ دومـاً نضـمنُ الحـياةَ، فـالحياةُ بِـلا ثقـافةٍ كالآخرةِ بِـلا جَـنَّـةٍ ..!! .. مـحـبّـتُـنا ..!!". - كلـمةُ المقهى الثـقافي، من تقـديم الطالبة المتألّقة مريم الكعوش، عضوٌ ضمنهُ، جاء فيها: "خلال هذه السنةِ وعلى غـرار الفائتـةِ، ظلّت أبوابُ المكتبةِ الجماعيةِ مشرعـةً، كتُـبُهـا التي كساها التّـرابُ انتـفَضَـتْ بفضـلِ قـرائـحَ غيُـورةٍ. أدباً، عِلماً، فلسفـةً، كلُّهـا حـدائقُ تـربّعَ أدراجَـها بعضُ الـمتعـلِّمين، ولأنّ الفكرةَ تُـولِّـدُ الفـكرةَ؛ فإنّ الثقـافةَ المكتبيةَ ولّـدتِ المقهى الثـقافيَ هذه السنة. مع بدايةِ الـدَّرس، شهـرَ أكتوبر، انطلقـتْ قافلةُ المقهى الثقافي، بروحٍ ليس فقط رياضيةً؛ بل دُونْـكِيشُّوطـيّـة سعى الـروّادُ من خلالها إلى وضعِ اليدِ في اليدِ لتـظَـلَّ السِّـلسِلةُ مستـرْسَـلةً. لانُـخفي وجـودَ صُعـوباتٍ وتعثّـراتٍ، تغيّـباتٍ وتأخّراتٍ، لكن الـدَّمَ ظـلَّ نابِـضـاً، ومازال ليعـيشَ ذاك الفـضاءُ سخُونـةَ نِـقاشٍ تـارةً، وتنـقّلاتٍ مكانيةً تارةً أخـرى. مـواضـيعُ مخـتلفةٌ نَسَجَـتْ خُـيُـوطَ حَـلْقـاتِـهِ، لاتعصُّـبَ فيها ولاتفـسُّـخَ، حريّـةُ الـتـفكيـرِ منطـلقُـنا، والاخـتلافُ سـنّتُـنا، والـطّـموحُ إلى الـتـميُّـزِ دائـماً سـعْـيُـنا. لانـظُـنُّـكَ نسِـيتَ الشـاعرَ الخـديريَ، أمّـا الرّاشـدي بِـبَـدوِ حـافّته، بل وبنُمُـورِهِ في طـاطـا فقد رسّـخَ ظِـلَّـهُ. وهـاأنتَ اليـومَ مَـعَ نـاقِـدٍ مُـتمـيِّـزٍ، نـاقـدٌ غـرّدَ نصُّـهُ شـامِـخاً في أوطـانَ عـربـيَّـةٍ، نـاقـدٌ جـمع بين العِـلمـيّـةِ الثقـافيةِ والأخـلاقِ الإنسانيةِ الرّفيعـةِ، وحتى لانـخـترِقَ دروبَ حـدائِـقِـهِ، فاللّـقاءُ كفيـلٌ بـذلك. الكاتبُ النّـاقدُ الدكتورُ عبد العاطي الزيانـي، أهلاً وسهـلاً بكُـم بين مُـحِـبّـيكم وعُـشّـاقِ الكلمـةِ، أفـرادُ الـمقهى الـثقـافي يُـحيّـونـكم ويشكـرونـكم عـلى تلبية الـدّعـوةِ. والتـحيَّـةُ تبـقى مـوصُـولَـةً لكُـلّ حَـاضِـرٍ مِـنْ قَـريبٍ أو بعـيـدٍ .. محـبّـتُـنا لـكم جـميـعـاً". - كلمـة مؤسسة ثانوية المسيرة الإعـدادية، قـدّمها رئيسُها لحسن أنجبور، جاء في مظانّها: " بسم الله الرحمان الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المصطفى الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين. "بداية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عزيزاتي التلميذات، أعـزائي التلاميذ، السادة الأساتذة، أيها الحضور الكريم، مرحباً بكم في هذا اللقاء الثقافي المتميز في محطته الثالثة خلال هذا الموسم الدراسي لنستضيف فيه أستاذاً باحثـاً، ناقداً من العيار الثقيل، الدكتور عبد العاطي الزياني، لتوقيع كتابه النقدي: "التراث النقدي والتأويل، ظواهر ... وقضايا". وباسمكم جميعـاً أقـدّمُ أسمى عبارات التقدير والامتنان لأستـاذنـا الفاضل الكاتب محمد بوشيخة، بمعية تلامذة المؤسسة أعضاء نادي الصّحافة والمقهى الثقافي، لإتاحة الفرصة وخلق الـمبادرة لهذا النشاط الثقافي ونهنئ أنفسنا بحضور ضيفنا العزيز بيننا، بعدما تكبّـدَ مشاقّ السفـر والعناء في هذا الفضاء التربوي لثانوية المسيرة الإعدادية في هذه البقعة الـجغرافية البعيدة، وهـذا إن دلّ عـلى شيءٍ، فإنما يدلّ على تواضع أستـاذنا واهتماماته بالنّاشئة والمتعلمين. آملين أن يكون هذا اللقاء في مستوى ضيفنا الكبير، وندعوه أن يتقبّـل باسم المؤسسة هذه الهدية الرمزية المتواضعة، مع متمنياتنا له بمزيدٍ من العطاء والإبداع لما فيه خير الثقافة العربية عامة والثقافة الجنوبية خاصة، والله ولي التوفيق، والسلام". - كلـمةُ جمعية آباء وأولياء التلاميذ، تفضّـلَ بها رئيسُـها محمد جاجا، تمحور مضمونها في الترحيبِ بالناقد وبالحضور الكريم، مروراً بالحديث عن المفارقة بين الهامش والمركز بخصوص الإشعاع الثقافي، مثمناً هكذا فعـل بأقاايغان؛ الذي من ورائه الأستاذ محمد بوشيخة. كل الكلمات بسطناها كما تفضّلَ بها أصحابُها حرفـاً؛ إلا الأخيرة فقد لخّصنا فحواها؛ إذْ قدمها الأستاذ شفاهةً/ مـرتجلَةً. خُتِـمَ اللقاءُ بتبـادُلِ هديّتيْنِ بين الضّيفِ والمؤسّسة، بعدها تَـمَّ توقيعُ الكتاب في جـوِّ كأسِ شَـايٍ في شرَفِ الحاضرين، كـما التُـقِطت للضيف عـدّةُ صور تَـذكـارية مع البراعم والأساتذة الكرام الحاضرين.

* * * * *



- المقهى الثقافي، لقاءٌ أسبوعي، كلّ أحـدٍ، من العاشرة إلى الثانية عشرة، بفضاء المكتبة الجماعية، يشرفُ عليـه الأستاذ محمد بوشيخة. - نادي الصّحافة بالمؤسسة يضمّ عشرين عُـضواً بين تلامذة الإعدادي والثانوي التأهيلي، يشرف عليه الأستاذ محمد بوشيخة. - دائرةُ نقاشٍ مفتـوحةٍ، لقاءٌ نصف شهري، ينـشّطاهُ الأستاذان الحسين طالب ومحمد بوشيخة، يناقشان فيه كلّ المواضيع التربوية والاجتماعية، التي يقترحها متعلّـمو المؤسسة قبل الموعـد بأسبوعٍ. تحيةٌ ثقـافيةٌ ملـؤهـا الحبُّ والتقديـرُ لتلامذة مؤسّستنا وكلّ طالبِ علمٍ على وجه البسيطةِ ..!!.



ذ – محمد بوشيخة أقاايغان، في: 27 ماي 2009م

الروائي الجنوبي عبد العزيز الرّاشدي وتوقيع روايته " بدو على الحافة"















الروائي الجنوبـي عبد العزيـز الـرّاشدي يوقّـعُ روايتَـهُ: "بـدو على الحافـة" بأرض أقاايغان، إقليم طاطا، جنوب المغـرب.


قبـل ذاك اليوم، 16 مـارس 2009م، وحين الإخبار أسبوعـاً عـن مقـرُبةِ مجـئ الكاتب الروائي الجنوبي عبد العزيز الراشدي إلى أقاايغان، مؤسسة ثانوية المسيرة الإعدادية، ظـلَّ المتعلمُ وغـيـرُهُ يتداول الفـكرةَ، مستغربـاً حدوثهـا، متمنيـاً تحقُّـقَـهَا.
ولأن الثقافـةَ أسـمى وفعـلَهَـا أجـلّ من كلّ الاعـتبارات المكانية، حضـرَ الأستـاذُ المبدعُ يـومـذاك، لِتَـتَشَـكّلَ تربـةُ أقاايغان صورةً فنيّـةً وإعـداديتُـها محـلّ عُـرسٍ ثقـافي بامتيـاز.
قبـل انطلاق اللقـاء بنصف سـاعةٍ تقـريبـاً حـلّ ضيفُـنا الكريمُ بالمؤسسة ليجـدَ في استقباله السيد المدير لحسن أنجبـور؛ الذي أبـانَ عن اهتمام ثقـافي، وروحٍ منبسـطةٍ، فاتـحـاً أجنحـةَ المؤسّسة لاحتضان كـتّاب وأنشطة ثقافية من العيار الثقيل .. رُفـقـةَ الكاتب ومَـنْ معـهُ تنـقّـلَ السيد المدير في فضاء المـؤسسة مُـطْلِـعاً إيّـاهُ عن مرافقِـها وساحتِـهـا الخضراء، ليهمِـسَ هـذا الأخـير أنّ مـؤسّـسَـتَـنَا تنعـمُ فـي مَـنَـاخٍ تـحُـفُّـهُ الـخُضرةُ من كـلّ جانبٍ، صـورةٌ نعلمُ أنّـها تبقـى راسخـةً لدى كلّ زائـر.
من الـفضاء العام إلى الخاص، القسم الداخلي، وهـو آتٍ بـمَـنْ يُحيطـون به يُـعايـنُ حشـداً من الزوار في انـتـظـاره أمام بـاب القاعـة، أساتذة من مؤسستنا وموظفون من الجماعة المحلية، وشخصيات أخرى، أمـا أبناؤنـا التلاميـذ فتكفي الصورُ لتـؤكّـدَ انكبابَـهُم وتجـمّعَـهُم ثم تعطُّـشَهم الحقيقي للفعـل الثقـافي، والرغبـة في معـانقةِ كِـتابٍ وهـو بصُحبـةِ صاحبِـهِ.
نلـجُ الفضاءَ وأعـيُـنُ أبنائـنا تستطـردُ الضيفَ، وأياديهـم لم ترد التوقـف عن التصفيق، حـماسٌ ليس ببعـيدٍ عنهـم؛ إنّـهم وفقـط مَـنْ يجعـلُـنا متمسّكيـنَ بهكـذا فـعلٍ ثقـافي.
على غيـر منـوالِ اللقـاء الأوّل شَكْـلاً (= لقاء الشاعـر الزميل رشيد الخديري؛ الذي خُـصَّ بقراءاتٍ نقديةٍ وبحفاوةٍ ظـلّ يردّدُ صداها باستمـرار)، شئنـا في هذا العُـرسِ الثقافي أن تكون المائدة المستديرة لـونَـهُ الأسـاس.
مـائـدةٌ استدعـى لهـا منشُطُـها الأستاذ محمد بوشيخة (= المشرف على المقهى الثقافي ونادي الصّـحافة) شخصياتٍ مختلفـةً لمناقشـةِ تجـربةِ كاتبنـا الجنـوبي.
- عبد الرحمان التمـارة نـاقداً، تعـذر حضـورُهُ في اللحظة الأخـيرة.
- محمـد جاجا مـديراً بـمؤسسة أقاايغان الابتدائية ورئيس جمعية آباء وأولياء التلاميذ.
- حسن ندمنصور أستـاذاً بـمؤسسة أقاايغان الابتدائية وعضواً نشيطـاً بالمقهى الثقافي.
- مصطفى أيت بّـا أستاذا للغة العربية بثانوية المسيرة الإعدادية وعضواً نشيطاً بالمقهى الثقافي.
- مريم الكـعوش، طالبة بالأولى بكالوريا أدب، وعضوا نشيطاً بالمقهى الثقافي ونادي الصّحافي.
- لحسن بيـروك، طالب بالأولى بكالوريا أدب، وعضوا نشيطاً بالمقهى الثقافي ونادي الصّحافي.
قبل سَـيْـرِ المناقشة رحَّـبَ المنشّـطُ بالحضور الكريم، بمختـلِفِ مشاربِـهِ، وباسمـه شكـرَ الكاتبَ عبد العزيز الراشدي على تلبيـته الدعـوة وتحـمّلِ أعبـاء السفر ليُشـاركَ أبنـاءنـا هذا العُـرسِ الذي عُــدَّ شـخـصُـهُ بشهـادة الجميـع سُـلطـانَـهُ.
بعد ذلك قـدّمَ كـلٌّ من "المقهى الثقـافي" و"نـادي الصّـحافة" كلمتَـيْهمـا، الأولـى تفضّـلَ بـها التلميذ لحسن أيت عـلي والثانية ألقاها التلمـيذ محمد الناجمي .. تلميذان ينتمي كـلٌّ منهما إلى الـدائرة التي تكلّـمَ باسـمِها.
ولأن دَأْبَ اللقـاءات التي من هـذا النّـوع تقتـضي تقديم الضيف لجمهـوره، كذلك فعل المنـشّـطُ، ففي دقـائقَ معـدوداتٍ عَـرَجَ على سيـرتِـهِ الملـوّنة ثقافيـاً، مشاركاته الثقافية داخل وخارج أرض الوطن، الجوائز التي حـصّـلَ عليهـا، عُضويـاتُـهُ الثقافية – المؤسّساتية، وكذا الفضاءات الورقية التي اخترقَـها اسـمُـهُ بـشكلٍ ملفتٍ للنظر، أمـرٌ يـؤكّـدُ رصـانةَ تجربـةِ صاحـبِـنا.
نزولاً عند رغـبةِ الضيف لارتباطـاته المـهْنـيّـة وإرادتُـهُ التنقّـلَ بعد اللقـاءِ مباشـرةً إلى مدينة مقـرّ عـمله، لم يتوقّف المنشّـطُ كثيراً عـند الضيوف، مكتفيـاً معهم بسـؤالٍ واحـدٍ في شكـلِ دورةٍ واحـدةٍ، لامسُـوا من خـلالهـا أهـمَّ مايُـشَكِّـلُ خصـوصياتٍ في تجربـةِ عبد العزيز الراشدي، مُظهـرين في الآن ذاتِـهِ امتلاكَ أسلـحةٍ نقديـةٍ يمكن وسْـمُـهـا بالعاشقـةِ.
هـو الأمـرُ الذي عـبّـرَ عنه الـكاتب لـمّا تفضّـلَ بالردّ عـلى أسئلتهم، بعـد أن شَكَـرَ بدورِهِ أُطـرَ المؤسسة؛ بدءاً بالسيد المدير، مروراً بزميله محمد بوشيخة، إلى كل تلامـذة مؤسّستنا الأعـزّاء، وشـدّ عـلى أيدي كلّ الحاضرين، مُظْـهِـراً لهـم ارتياحَـهُ وسعـادتَـهُ بين ظُـهرانـهم، مـؤكّـداً أن الأفْـضيـة وإنْ تفاوتَـتْ بَـهْـرَجَـةً ومسـاحيقَ لاتنـال من كـونه يعـتـزُّ حضوراً في هـكذا فضـاءٍ منسِـيٍّ، ولـهُ الفـخرُ لـمّـا يكـن بين أحبّـائـه الجنـوبيين .. مثـمّناً - وهو يجيبُ - بالعـملِ الذي يُـقـامُ بتلكـمُ المكتبة الجمـاعية، ضمـن مشروع "المقهـى الثقـافي"، مستغـرٍبـاً وجـودَ كُـتُـبٍ نـادرةٍ قلّـما تعثُـر عليهـا في مكتباتٍ حضـرية كُبـرى .. تحدّث أيضـاً عن تجربته الإبداعية الأولـى وملهـماتِـهِ الجنينيـة، ليـرُدَّ كـلّ ذلـكَ إلى فعـلِ القـراءةِ ودورِ المنبِـتِ، انتمـاؤهُ إلـى بيتِ فقـهيّ، وعـبارتُـهُ "كنتُ تلميـذاً للقـراءة وما أزال وسأظـلُّ كذلـك حتى أمـوت" شهـادة تربّعـت كـراسي عقول الناشئـة.
أراد الضيفُ وكان لـه ذلك فتـحَ دائرةِ الـنّقـاش عـلى كلّ الحضـور؛ وإنْ كـانت تلك مرحلة لآتيـة، بذلـك تفضّـل التـلاميذ والحـاضرون من المهـتمين بتقديـم أسئلتـهم، مـركّـزين كـما المشاركين في المائدة على التجربة الإبـداعية؛ كيف أصبـحَ عبد العزيز الراشدي مبـدعـاً ..؟؟، أسئلـةٌ كـلّـها تنـمّ عـن أنّـنا إزاء تـلاميـذ ألـفـوا الـكتـابَ وأحـبّـواْ السـؤالَ وانتصـروا لشــعار: "بـالثقـافــةِ نحـيا وللـثقــافـةِ نعيـشُ" = شعار المقهى الثقـافي.
بإجـابـاتٍ بسيـطةٍ ودقيـقةٍ، شاملةٍ، مانعـةٍ ومُـمتَـنِعَـةٍ يَـلُمُّ الكاتبُ كـلّ ذلـك من خلال وصْـلاتٍ متقـطّعـةٍ، ويُـجمـلُهُ في ضرورة مشاكسـةِ/ مداعبةِ الكتاب أوّلاً ودائـماً، قـراءةٌ لاتُـمَـيِّـزُ بين لـونٍ وآخـر، بين تـوجّـهٍ ودونَـهُ.
ولأنّ النقـاشَ طـالَ وقـتُـهُ، ساعتان ونصف تقريبـاً، وحيثُ إن هـناك موادَّ أخرى مبرمجَـة، طلبَ المنشِّـطُ من السيد المديـرُ تقـديمَ كلمـةِ المؤسّـسة في حـقّ المبـدع، وتـبادل الهـديّـتَـيْـنِ بينـهمـا .. كلـمةٌ أظـهرَ فيهـا السيـد المدير حاجةَ المؤسسة لمثـلِ هـذه اللقـاءات؛ الـمبَـرهِـنة عـن بُـندٍ من بنود الميثاق الوطني للتربية والتكوين، انفتاح المؤسسة على محيطها الخارجي، مـذكّـراً أنّهـا سُـنّـةٌ شـرعـتْ مؤسّسـتُنـا إحيـاءهـا، وعُـدّ هذا اللقـاء الثاني من نـوعِـهِ، مُـحيّـيـاً في الوقت ذاتِـهِ كـلّ الـمُسْـهِمِيـنَ دومـاً في تحـريكِ دَمِ المـؤسّـسة تنشيـطيـاً.
عَـقِـبَـهُ تفضّـلَ السيد محمد جـاجـا، رئيس جمعيـة آباء وأولياء التلاميذ بكلمة ثانية برهَـنَ فيـها عـن قـوّةِ وسُـمُـوّ الفعـل الثقـافي متى كانت تُـربتُـهُ تفتقـرُ للشروط السوسيوثقـافية، التي بِمَكْنَتِـها احتضـان أعـمال من هـذا الـحجم، معـتذراً للضيفِ عـن أيّ تقصيـرٍ يمكـنُ أن ينـجُـمَ عـنّـا، وأنّـهُ أهـلٌ لـكُـلّ استـقبـالٍ يرقـى بالكـلمة ويُـعـادلُ حـجمَ صـاحبِـنا، أنـهى الأسـتاذُ محمد جـاجا كلـمتَـهُ بـمَـدِّ الكـاتب هديـةً باسم المقهى الثـقافي ليحظـى هـو الآخـرُ بمثلهـا من صديقـنا عبد العـزيز، مسـاهـمةً منـهُ فـي مَـدّ جِـسرِ التّـواصُـلِ بين الأقـاايغـاني والـكُتّـاب.
أخـيراً وحيث العِـشقُ بالكِتَابِ يـزاحـمُـهُ عِشْـقٌ بصـاحبِـهِ تهـافتَ تلاميذ وتلميـذات المـؤسسة، وكـذا الضيـوف الكـرام لتـوقيـع الـرواية مـن قِـبَـلِ صـاحبِـها، تـوقيعاتٌ مرفقـةٌ بالتقـاطِ صـورٍ تَـذكـاريـة تُـبْـقي هـذا الـعُرس راسـخاً في ذهـنِ كـلّ مَـنْ استمـتع بـرَقْـصـاتِـهِ، وتجعـلُـهُ يسـكُنُ أدراجَ تاريـخ إعـدادية أقاايـغان.
سيـراً على نهـجِ اللقـاءات الثقـافية نظمت مؤسّـستُنـا حفـلةَ شـاي في شـرف ضيفِـنا الكـريم، مرفوقـاً بكـلّ مَـن حضـر من مـوظفـي المـؤسسة وموظفي الجماعة المحلية وأفراد المقهى الثقافي ونادي الصّـحافة.
خـتامـاً نقـولُ "إنّ إيـمانَنَـا الـرّاسـخَ بقـضـايا تربوية – ثقـافية واعـتبارَنا التـلميذَ تـاجاً نَـحْفَـظُـهُ مِـنْ فـوقِ رؤوسِـنا أمـران لـن يكسّـرا أبـداً عزيـمَتَنا أمام كـلِّ مـامِـنْ شـأنِـهِ ذلـك ..!!".


تحيـةٌ ثقـافيةٌ شـاسـعـةٌ لكل تلمـيذٍ وتلـميذةٍ وإلـى مـوعدٍ آخـر مع كـاتبٍ آخر..


ذ- محمد بوشيخـة.
ثانوية المسيرة الإعدادية بأقاايغان.
إقليم طاطا، جنوب المغرب.

الشاعر رشيد الخديري وتوقيع ديوانه " حدائق زارا"













الشـاعر رشيـد الخـديري وتـوقيع ديـوانه " حدائق زارا"
بثانوية المسيرة الإعدادية - أقاايغان - إقليم طاطا، جنوب المغرب


تحت مِظَلَّـتَي “المقـهى الثقافي”؛ (= الذي ينعقد كلَّ أحـدٍ بالمكتبة الجماعية، من العاشرة حتى الثانية عشرة) و “نادي الصِّـحافـة”؛ (= مشروعٌ داخل مؤسسة ثانوية المسيرة الإعدادية)، استدعى المشرفُ عليهما الأستاذ محمد بوشيخـة الشاعرَ رشيد الخديري لتوقيع ديوانه، تاريخ: 12 يناير 2009م، بفضاء المؤسسـة.

بحفـاوةٍ شـعريةٍ وكلمـاتٍ رقـيقةٍ ممزوجـةٍ بـرنّاتٍ موسيقيةٍ من ألبوم مارسيل خليفة رحّبَ الأستاذُ زهـير الدوحاني (= أستاذ اللغة الفرنسية بالمؤسسة المحتضِنة للنشاط) بالشاعر البيضاوي ورُفقـائه (= الشاعـر عبد الهادي روضي والكاتب الصّحفي شكيب أريج والأستاذ أحمـد خُشـاف)، شاكـراً إيّاهـم على القدوم، مثمِّـناً الفعل الثقـافي الذي يحييه الشاعر، متوقفاً في الوقت ذاته عند أحداث غزّة ليطلبَ من الحضور قراءةَ الفاتحةِ ترحُّماً على الشهداء هناك وتضامناً مع الشعب الأبي ضـدّ الغزاة الصهـاينة.

هـذا وقـد تخـلّلت اللقـاءَ فِقـراتٌ متنـوعةٌ، جمعت بين قـراءةٍ لقـصائدَ من الديوان؛ من قِبَلِ التلاميذ والشاعر نفسه، وقراءاتٍ نقدية من قِبَلِ كتّاب احتضنهم الفضاء الشعري وجمع بينهم عِشقُ الكلمةِ.

التلاميذ مريم الكعوش ولحسن أيت علي وعائشة أقبلي ومحمد الناجمي، جميعُهم من أعضاء المقهى الثقافي، تفضّلواْ فقرأوا قصائدَ منتقاة من الديوان، ليُظْـهروا مقدُرةً عـاليةً في قراءة الشعـر النثـري، وقبل كل قراءةٍ نجدهـم يُعـاودون الترحيبَ بالشاعر ويُـثنون عليه، مدعّمين قدومَـهُ إلى هكذا فضاءٍ مهـمّشٍ.

ألقى الشاعـر قصيدتين من ديوانه، بصوتٍ شـجيّ، مكسوّ بلحن الطائر الجريح، فألزمَ بذلك الحضورَ صمتاً مهـولاً، بدوا شاردين، متتبعين، منصتين لروح الكلمة العذبة، الصّادرة من عُمق بئـرٍ ممتدّةٍ في المسافـة .. بئـرٌ هـدّها الألـمُ وطعنها الزمـنُ وتحـوّطهـا المكانُ.

قُـدِّمَتْ باللقاء السابقِ من نوعِـهِ على تربـة أقاايغان ثلاثُ قـراءات نقدية:

- الورقة النقدية الأولى”كتابة الذات في حدائق زارا: ثنائية النفي والإثبات”، قدمها الأستاذ الشاعر عبد الهادي روضي.

- الورقة النقدية الثانية “الشعري والتيمي في ديوان”حدائق زارا” للشاعر رشيد الخديري”، قدمها الأستاذ الكاتب محمد بوشيخة.

- الورقة النقدية الثالثة “الشاعـر الرائي، قراءة عاشقة في ديوان حدائق زارا للشاعر رشيد الخديري” للأستاذ الكاتب شكيب أريج.

ولأنها قراءاتٌ تغوصُ في دروب النقـد الرصين، وتصبو إيلاءَ الديوان مايستحقّه، فقد عمد كتابُها بلورتَها في خلاصات وتبسيطَها في هذا اللقاء حتى تتلاءم ومستوى المتلـقي، القراءات الثلاث ستُنشَر لاحقاً، مجتمعة أو متفرقة، مِـنْ على مواقع إلكترونية وملحقات ثقافية جرائدية.

قبل الختـام فُتـحَ نقـاشٌ مـوسَّعٌ جمع بين الشاعـر والمتعلمين على كثرتهـم التي فاقت المتوقّـع، حوارٌ كشفَ عن مدى الاستجابة والتواصل اللذين تحققا ضمن اللقاء، أسئلةُ المتعلمين لامست عُمقَ سطـور “حدائق زارا”، فمن سـؤالٍ عـن المقصودِ بـزارا/ عـن الفراغات/ عـن الكلمات المتقطّعة والأصوات الأحادية/ …، إلى حديث عن تجربة النشر .. كلُّهـا أسئلةٌ وغيرها تنـمّ عن أننا أمام تلامـيذ تشـبّعـوا ثقافةً أدبيةً، ولانخفـي أنهم جميعـاً - مَـنْ شاركـواْ الشاعـرَ حوارَهُ - كانـواْ ومـازالواْ من رواد المكـتبة ومن أعضاء “الثقافة المكتبية”؛ التي أسسها الأستاذ محمد بوشيخة السنة الماضية، وأيضاً أغلبُهم من أعضاء “المقهـى الثقـافي”؛ الذي شُـرِعَ العمل به هذه السنة.

ردّ الشـاعرُ زارا عن كل الأسئلة بـصدر رحْبٍ وبروحٍ شاعريةٍ، مفسّـراً كلّ مااستُشْكِلَ على المتلقين، وما أثار فضولَ بعضِ المتتبعين هـو استغراقُـهُ في الحديث عن الذات، إلى درجة رأيناه يتفلسف شعراً؛ حيث قال: “تعرّوا للشمس تعرفون ذواتَـكـم”، ليختم كلمتَه بتجدُّد الشكـرِ لإدارة المؤسسة على استقباله، والشكر موصـولٌ - يضيف- لصديقه الناقد محمد بوشيخة على دعوته، ثم ألقى قصيدة غير واردة بالديوان، عنـوانُها: “العقـاب”، مطلعُـها:

يحدثُ هذا منذ آلاف السنين

هيء نشيـدَكَ الأبـدي

وخـط اسمك في الغياب، هاأنت تسقط في عبث الحياة

هاأنت تسقطُ

يارشيد ابن محمد

ماذا أفعل بالشمس

وكل جسدي منافذ ضوء

قبل حفل التوقيع قـدّم السيد المدير لحسـن أنجبور، باسم المؤسسة هديةً رمزيةً للشاعر المحتفـى به، شاكراً قدومَـهُ، مثمناً جَـهدَهُ الإبداعي.

أخيراً تهافتَ على الشاعر تلاميـذُ المؤسسة لتوقيع الديوان؛ الذي أصبح في ملكِهـم، ولالتقاط صـور تَـذكارية.

هذا وإنَّ اللقاء أيضا شهِـد حضور مجموعة من أساتذة المدرسة الابتدائية بأقاايفان، إلى جانب زُمرةٍ من أساتذة ثانويتنا الإعدادية، دون أن نغفل حضور السيد مدير الابتدائية بأقاايغان محمد جاجا، باعتباره رئيس جمعية آباء وأولياء التلاميذ؛ الشخصُ الذي أظهـرَ حفاوةَ استقبالٍ وبَيَّّـنَ عن تشجيعه لكلّ فعلٍ ثقـافي، وإنّ هـذا ليس بخـافٍ عـنهُ.

ولأنّ الشيءَ بالشـيء يُـذْكَـرُ والـحُـرَّ بالغَمْـزَةِ يَـفْهَـمُ ..!، نخـتمُ تغطيتنا هـاته بقـولِ الشاعـر والأديب السوري جرمانوس فرحات:

أنَّـى تُـعيِّـرنا وأنـتَ مـعيَّـرٌ ياراقـصاً فـي ظلمـة الأحـلامِ

هـل سـرّنـا إفـسادُنا إيماننـا أم هـل ختمنـاه بسـوء خِتـام

أم هل ورثنا المكسَ عن سيمونَ في بيْـعِ الـذي نُـعطـاهُ بالإنعـامِ

أم هـل تعاطينا دسائس مبـدعٍ فـتركننا صـرعـى بغير مُـدَامِ ؟

يبقـى سؤالُ الشاعـر فرحات مفتوحـاً لأجوبةٍ مختلفةٍ، ولانظـنُّ ضَـوْءَ الشمس يُخفيـه الغربالُ، ليُـبقـي على أي دسائس يعتقـدُ أصحابُهـا غامضةً عنّـا، ولنـا مع الزمن القادم رقْصـاتٌ أخـرى.

تحـيةٌ عاليةٌ للشاعـرِ رشيـد الخديري، وكـلُّ الحبِّ والوفاءِ لتلامذتنا؛ الذين برهـنوا عن مسؤولية وروح ثقافية- إبداعية.

إلـى لقـاء آخـر مـع ضيف آخـر ..!.



ذ- محمـد بوشيخـة

بأقاايغـان – إقليم طاطا - المغرب

تاريـخ: 15 ينايـر 2009م