الأحد، 27 ديسمبر 2009

بـــأقـاايغـان - إقـلـــيـم طـــاطـــا، أرادوهـا ثـــانيـــة بكـالوريـا عُـــنـوةً ..!!

بأقاايغـان – إقليم طـاطـا

أرادوها ثـانية بكالوريـا عُـنْـوَةً ..!!

ثـانويةُ "أبو بكر الرازي" التـأهيليـةُ، الإسـمُ الذي لـم تُـعرَف بـه بـعدُ، كـما لاتُـعرَف إلا بـأربعِ حُـجْـراتٍِ يتيمـة، مسـيّـبة في جانبٍ، تـابعة إداريـاً لثانوية المسيرة الإعدادية.

انطلق الـتدريسُ بهـا خـلال الـموسم الدراسي: 2007م – 2008م، وعـانى تـلامـذتُـها لحـظتَـها من خَـصاصِ هـذه المـادة الدراسية أو تلك، تَـمَّ التـرقيـعُ بتكليفاتٍ، لم تُعـفَ منها إلا هـذه السـنة.

حـضر أسـاتذةٌ جـدُدٌ واستوى الوضـعُ من جانبِ الـمواردِ البشرية، المكلّـفة بالتدريس، أمّـا الإدارةُ كما البنايات ومن تّـمَّ الاستقـلالُ الكليُّ يبقـى مُنتَـظَـراً يـأملُ مَـنْ هـم أصـلاً مـدعاة للـحديث عـن "مدرسة النجاح" و "المخطط الاستعجالي"، يأملون تحقُّقَـهُ السنة المقبلة، وإنها وعودٌ قطعَـتها الجهات المسؤولة عن نفسها، كما علمتِ الجريدةُ من إداري داخل المؤسسة.

وإنْ كـانت كـلُّ هـذه مشـاكلُ داخلية وخارجية تتخبّـطُ فيها الثانويـة التأهيلية المعنية، قـد يـزعُـمُ قـائـلٌ: " ومـع ذلك فـالقاطرةُ تسيـرُ "، لكن الذي يتنافـى والحديثَ عـن "الإصلاحات" و"محاربة الهدر المدرسي" و "تشجيع التمدرس" و " محاولة القضاء كلياً على الفصل من متابـعة الدراسة"؛ الذي يتنافى مع ذلك هو الـفِلــمُ الذي مـن ورائه أكـثر من مخـرج؛ فِـلمٌ مازال المتتبـع يتفرج عليه إلى حدود الساعة، "اعــــتمادُ الثانية بكـالوريا".

سعت الجـريدة كشـفَ مشـاهدِ هذا الفلم، حتى تتـوضّـحَ مـعالـمُهُ وخـباياهُ للـمتتبّعين، وحتى تُـزيـلَ الغَـمامَ على ممثليه، التلاميذ، ضحاياه.

تـلامـيذُ السنة الثانية بكـالوريا لهـذه السنة وجـدواْ أنفُـسَهـم بدايةً ضمـنَ لائحـتها وإنْ كـان أولى لهم أنْ يُـكرّرواْ الأولـى بكالوريا لضَـعفِ مـعدّلاتـهم؛ التي في معظـمها أقـلّ مـن ثمـانية من عشرين = (08/20)، في الاختبار الجهوي، وهو حـقٌّ كفَـلَتهُ الـوزارةُ لهـم حتى لايفقـدواْ الأمـلَ - وهـذا مـاهو حـاصلٌ الآن - من نجـاحهم وتـحصُّلهـم عـلى شهادةِ البكـالوريا.

نـعم الذين حصّـلواْ على المعـدل في الاختبار الجهوي لايتجـاوز عـددُهـم أصـابعَ اليـدِ الواحـدة، وقـد تكتمـلُ الأصـابعُ أو بزيادة عنها بواحـد إذا أردنـا أن نضيـفَ لـهم مَـنْ نصيـبُـهُ (08/20).

الغـموضُ الذي لـفَّ الـموضوعَ، هـو عـدمُ تـمكّـنِ التـلاميذ من التَّـكرار؛ إذْ لـم يعـرفـواْ بمستجـدّات المـذكرة رقم: 98، الـمؤرّخة بتاريخ: 04 جـمادى الثانية 1428هـ الموافق لـ: 20 يونيو 2007م، والتي تنـصُّ علـى "استشارةِ الأسـرِ بخصوصِ الانتقـالِ إلـى السنة الـختامية من سلك البكالوريا".

عندما استفسرتِ الجـريدةُ تـلامذةَ الثـانية بكالوريا عـن الـموضوع، أكّـدَ جميـعُهم في توقيعات لهم تتوفر الجريدةُ على نسخة منها، أكّـدوا أنهم لم يتوصلوا هم ولا أباؤهم بـأيّ استدعـاء، ومِـن تَـمَّ وجـدوا أنفسهم في السنة الـختامية، علمـاً أن معـدّل الاختبار الجهوي نصيبه من العملية الحسابية الختامية: خمسة وعشرون في المـائة = ( 25%)، مَـنْ يضمـن لهم إذن النجاح ومـعدلاتهم للأسف معظمُـها لايتجاوز ثمانية وينحـدر حتى 03/20، ليس السـؤال هـنا، وكيف نجحـوا مادام هـذا مستواهـم ..!!؟؟، ثم ألا يطرح موضوع نجاحهم من منطلَـقِ اعتمادِ نتيجـةِ المراقبـةِ المستمرة أصلاً أكثـرَ من سـؤال ..!!؟؟، لا، ليس هـذا موضـوعنـا، إنما ألا يـحِـقُّ لهم تَـكرار الأولى بكالوريا والوزارةُ الـوصيةُ تـذهبُ " أنه توخـياً للـرّفـعِ مـن مردودية النظام التربوي وتفادي الأثـر السلبي لـعامل الترصيد المترتب عن نتائج الامتحان الجهوي الموحد للسنة الأولى من سلك البكالوريا في تحديد المعدل العام الذي يخوّلُ نيـلَ شهادةِ البكالوريا، وموازاة مع المستجدات المترتبة عن مراجعة نظام امتحان شهادة البكالوريا، فقد تقـرّر ابتداءً من هذه السنة الشروع في اعتماد مبدإ استشارة أسـر التلاميذ الذين قـرّرَ مجلـس القسم انتقالهم للسنة الثانية من سلك البكالوريا، وذلك لاتخاذ قـرار انتقالهم أو عدمه إلى السنة الثانية من سلك البكالوريا" = ( تتوفر الجريدة على نسخة من المذكرة رقم 98 ).

نعم تبدو عمليةُ اعتمادِ السنة الثانية بكالوريا متـعَمَّـدةً، دون النظر في وضعية الناشئة، التي هي أصلاً مـحورُ العملية التعليمية التعلمية، وإلا فـلمـاذا – تماشياً مع الموضوع – لـم يتمكّـن التلاميذ أيضا من تعبئة ورقـة الـرّغْـباتِ، إنْ أرادوا مسلكَ الأدب دون مسلك العلوم الإنسانية؛ الذي وجـدوا أنفسهم فيه دون سابق إعلان، وهو أيضاً ماعبروا عنه بنوعٍ من الـمرارةِ ولاأمـرَّ من عـبارة أحـدهم سُـخْـطـاً، لـمّا أجـابَ أسـتاذاً لـه عـن سـؤاله المتعلق بـهذه الأوضاع، قـال وبحسـرةٍ " احْـنـا غِـيْـرْ بْـغـاوْ اعْـمْرو بينا الشقْـفْ "، العبارةُ هـذه لـو وقف عنـدها عـالمُ النفس لَـقـالَ " رُدُّوا لأهـل الحق حقّـهُم، كيفَ لا وقـد تـركّبَ في القائلِ وفي غيره بُـعـدُ * الـحْـكْـرَة *، كيف لا وقـد حرمناه مـن حقّ كفلتـهُ الـوزارة، سيميـائيـاً الصورة واضحـة، فكلـمات " بْـغـاوْ " و " اِعْـمْـرو " و " الـشْـقْـفْ " لاأدَلَّ منهـا، أمـا الأبـعاد الـدّلالـية، فيكفيـكَ أيهـا القـارئ أن تعـرفَ مـاذا يوجـدُ بـ: " الشْـقْـفْ "لـتردّدَ " لاحـول ولاقـوة إلا بـالله ..!!".

يُـصرّحُ للـجريدةِ أحـدُ الأسـاتذة بهذه الثانوية التأهيلية، والذي يـرى نفسـه معنيا بشَجْبِ الموقف: " وقـد أثـار حفيظـتي أقـوال بعض تـلاميذ مستوى ثانية بـكالوريا في الموسم الـدراسي (2009م / 2010م) حول توجيههم جميعـاً إلى شعبة / مسلك العـلوم الإنسانية؛ حيث أخبروني بـأن جـزءاً منهم تـوجه إلى تلك الشعبة والجزء الآخـر تـوجه إلى شعبة / مسلك الآداب لـما يحققانه من فـرص متكـافئة في الجامعة أو الكلية، ولـكلٍّ وجهة هو مولّيها، فـأخبرتهم أن الأمـر يتعلق بالإدارة وبالخصوص الـمُوجّه، وهل توصلوا بطلبات التوجه وملئهـا أم لم يتوصلوا فالإدارة لم تجزم لي بـذلك فـبدا الأمرُ غـامضـاً حـول الـدّافع الذي أدَى إلى ذلك = (بَـايْنَة الـهْمْ اللّـي عند الأستاذ خْـلاّهُ اِمْـشِي اسْتْفْسْرْ الإدارة) – يضيفُ الأستاذ الغيور في تصريحه – ومن الأمور التي شكلت لـديّ قلقـاً مفاهيمياً عـدمَ تـوصّل التلاميذ باستدعاءات حول طلب تَـكرار السنة الأولى بكالوريا، مسلك الآداب والعلوم الإنسانية، وأنّ التأريخ أو الإعلان المتعلق بـذلك =( 15 شتنبر) أُغفِـلَ أو تغافله التلاميذ الحاصلين على نقط ضئيلة ومـاأكثرهم، في الامتحان الجهوي ".

معظم أساتذة الثانوي التأهيلي؛ الذين التقتهم الجريدةُ يشجُـبُون وينـدّدون بهـكذا فعـلٍ، ويذهبون مذهبَ زميلهم في العمل والمحنة، بل ويتحـسَّسُونَ في أعيُـنِ تـلامذتهم حـسرةً، أراد أحـدُهم للأسف بحسن نية أو لاندري إزالتها، ويظـنُّ بفعـلهِ مـن جانبِ صفّ المتعلمين، والحال أنه يُسْـهمُ في تـكريس وضـعٍ لـم تُـردْ بـه قـراراتُ الـوزارة الـوصية.

بـناءً على مشاهد الفلم؛ التي لـم يعد الـمتفرجُ يعرف مخارجـها، لا ولا مـآلاتها حاورت الجـريدة الجـهاز الإداري لإزالة مـاكسا المـوضوعَ مـن غـموضٍ، والنظـر في الدافع مـن وراء هـكذا خُطْـواتٍ وقـراراتٍ غير محسوبةٍ أو على الأقـل لم تراع مـحور العملية التعليمية التعلمية.

السيد المدير يرى أنه أعـلنَ بـدايةَ شتنبر عـن مسـألةِ الـرغبة فـي تَـكرار السنة الأولى بكالوريا، إعـلانـاً عـامـاً، آخـرُ أجله: 16 شتنبر، في وقتٍ تسـطِّـرُ وتعتبـرُ الـمذكرةُ الـمنظِّـمةُ للعمـلية "شهـرَ يوليوز كـآخر أجـل للتوصّـل بطلبات حـقّ الاستفادة مـن التَّـكرارِ مـوقـعة من طرف السلطات الـمحلية = ( المذكرة رقم: 98).

إذن الـمسألـة فيها إرسالُ استـدعاءات لـلآباء، لامـجرد تعليـقٍ للإعـلان، وقبل متَـمّ شهـر يوليوز، لا شهر شتنبر.

وقد يبقـى فـعلُ السيد المـدير مشروعـاً من جـانبٍ آخـر؛ لأنّـه مجردُ استدراكٍ ليس إلاّ؛ لأن الـجريدة علمت من مصدرٍ مـوثوق حضـر المداولات الأخيـرة للسنة الـمعنية أنّ السيد الـموجه التربوي حضـر على أساس تـرسيم بكالوريا بعدد مقبول، وبتوجّـهٍ مـوحّـد، في غيابٍ تـامّ لـذاتية الـمتعلم؛ الذي أصـلاً لم يُستشـر في الـتوجّه، فكيف سنستشيره في النجاح أو الـتَّـكرار، وللمزيد من توضيح المسألة اتصل السيد الـمدير هاتفياً بـمراسل الجريدة بعـد اتصاله بالـموجه التربوي، ليتفضّـلَ الأخـيرُ أنـه في لقـائه مع تـلاميذ الأولى البكالوريا، أواخر السنة، أوضح لهم الأمـر، وأنهم مَـنْ عليه التفـضّـل للإدارة لتعـبئـة الـمطبوع، ويـردف السيد الـمدير قـائـلاً: "حتّى التْـلامْـذْ كـايْـتْـحْـمْلو الـمسؤوليه، غِيْـرْ انتهت السنة اُوغـادْرو كاع مـادّاوْها فْـهـادْشي حتّى لْدابـا ويْـبْـداوْ في اللوم والعتاب".

ألا يبدو الفلم إذن غـريبـاً، خـاصّةً لـما تجـد حالتـيْن لُبِّيتْ لهـمـا رغبـةُ الـتَّـكرار أخيراً، نعم أخيراً فقط؛ حيث رُدَّ على طلبهما المقدّم سلَفـاً بـالقَـبول وحالات أخرى لـمّا تـوجّهت عند السيد الـمدير لأجـل ذلك تعود وهي خـاوية الـوفاض، بدعوى "الأجـلُ فـاتَ".

نعم الأجـل فات، لكن لـماذا لانلتـزم جـميعُـنا بالأجـل الـمحـدّد أصـلاً في الـمذكرة، ثـم مـاكان لـتُطـرَحَ مـثلُ هـذه الإشـكالات لو أنّ بنـود "الميثاق الوطني للتربية والتكوين" مفـعّلَّـةٌ، فـالمؤسسة تعـرفُ فقط مجرد زيارات للموجه التربوي، فكيف بالتلميذ أن يستوعـبَ زَخَـماً من المسارات في سـاعتين أو ست ساعات علـى الأكـثر.

أين تـكافؤ الفرص المتحدّث عنه في كثير من الإصلاحات وإصلاح الإصلاحات = (المخطط الاستعجالي)، في وقتٍ تلـميذٌ لم تُتـح له فـرصـةُ تعتبئةِ ورقـةِ الـرّغْـباتِ من سنة إلى سنة، وآخـرون في مدنٍ كبرى يتنّـقّلون من مـدارسَ إلى أخـرى لـعامـلِ معـرفتهم بدروبهـا وسيّـدُ الـموقفِ هنا طبـعاً هـو الموجه التربوي.

متى نـؤمن أن الـمغربَ واحـدٌ، مركزاً كان أو هـامشاً، والتلاميذ أبناؤنا جميعاً وهم مشعلُ ومستقبلُ وطننا الحبيب، الذي نعـتزّ به، كـانوا في أقاايغان – إقليم طاطا أو في مدينة كبرى ..؟.

ونحـن نغـطي الظاهرةَ نسمـعُ حينـاً بعد آخـر هـمهـماتٍ من هذا أو ذاك: "وَهاهْـمّا كاع عـاوْدُو، راهْ والُـو، بْحـالْ بْحـالْ، وِيـلا جـابُو هـادْ السنه ثلاثة على عشْرين فلاختبارْ الجهوي، العام اجّـايْ اِجيبُـو بْحـالْهـا وْلاّ قْـلْ".

ليكون الجواب من جنس السؤال، وبسطحية نقول: "الـمُهمْ اعْـرفُو حْقُـوقْهْـمْ، اُوديـكْ السّـاعه هْـمّا اخـتارو، اُومـايكونوشْ مفعولين بهم"، والوزارة الوصية في كثيرٍ مـن قراراتـها تـركّـزُ على أن يكونَ المتعلم فـاعلاً، مرفوعـاً، وعلامة رفعـه: مسألة الاختيار/ الحق في إعادة الأولى بكالوريا/ المشاركة في مجالس المـؤسسة/ المشاركة في مشاريعهـا.. وأنّــى لـه ذلـك .!!.

لابـد أيضا من الإشـارةِ أنّ بعض التـلاميذ، وهم قلة قليلة، يرغـبون فقط تـزجيةَ وقتٍ، في سنـةٍ بـأكملها، لأنهـنّ عـبّرن بعدم الرغـبة في التّـكرار، ولو حصَّلن على معـدل ضعيف جـداً، ليس لأنهن يَـثِـقْنَ في أنفسهنّ؛ إذْ سيعاندْنَ اجـتهاداً من أجل الفوز بشهادة البكالوريا، لا، إنّـما رغبةً في مجاورة أصدقاء السنة الفـائتة، أمـا ماستأتي بـه هذه السنة فلا يلتفتنَ له.

وتبقـى الـرَّحـى تـدورُ وتـردِّدُ سـمفـونيةَ: "غيـاب التوجيه والتوجيه الـمستمر والفعلي لَهـو أحـدُ الـدوافع الـرئيسَـةِ من هـكذا *حْـصْلَـة*".

سـتستمـرُّ الـجريدةُ في عـددٍ قــادمٍ تقديم سيناريوهات هـذا الفلم، من خلال لقـائهـا بالسيد النائب الإقليمي لنيابة طاطا ومحاورتها لـه في الموضوع؛ حيث لم تتمكن هذا العدد من ذلك، لأنّ الإدارةَ وإنْ أتـى منها مـاقد أتى فتبقى مكـلّفـةً، ويمكـنُ أن يكون لديها أكثر من مبـرِّر وإنْ هـو غيرُ مـبـرِّرٍ أو مـبَـرَّرٍ.


الكاتب الصّـحفي: محمد بوشيـخة
نُشِـرت التغطيةُ بـجريدةِ "عيون الجنوب" الرودانية، العدد:التاسع، دجنبر: 2009م

الأحد، 22 نوفمبر 2009

"لـقـــاءٌ أسـبـوعــيٌّ" و "دائـــرةُ نقــاشٍ مفـتوحة" فـي مؤسّسة ثـانويـةِ المـسيرةِ الإعـدايــة – أقاايغان – إقـليم طاطا، جنوب المغرب.





"لـقـــاءٌ أسـبـوعــيٌّ" و "دائـــرةُ نقــاشٍ مفـتوحة" فـي مؤسّسة ثـانويـةِ المـسيرةِ الإعـدايــة – أقاايغان – إقـليم طاطا، جنوب المغرب.


ليـس الـتـنـشيـط ميـاهـاً راكـدةً، نستحـمُّ فيهـا كـلَّ سـنة بنفـس الطقـوس؛ إنـما التنشـيطُ – أصـلاً – ليـخلُـقَ ذاتـاً متناميةً، مختلفـةً، لابـدّ أن تكـون صِبغـتُـهُ التـجدّد والتجــدّد الـمستـمر.

سعيـنا كـلَّ سنـة، في مـؤسّسة ثـانوية المسيرة الإعـدادية، أقاايغان، إقـليم طاطا، جنوب المغرب، رُفقـةَ مـتعلّـميهـا سبـرَ تلك الأغـوار، واعـتبار الـتجـدّد الـمنطلق الأسـاسَ فـي كـلّ عـملٍ تنشيطـي.

سنة: 2007م – 2008م، أسّـسنا مشـروعـاً أطلقـنا عليه اسم "لقــاء الأسبـــوع"؛ يستضيفُ فيه رئيسُـهُ الأستاذ محمد بوشيخة كـلّّ خـميس شخصيـــاتٍ مِــنَ المجتمــع المدني و تربويين؛ أساتــذة كانـوا أو إداريين مـع تلاميــــذ من المؤسسة؛ لمناقشة ظـاهــرةٍ تربويــة، تفرضُــها الساعةُ أو تـتماشى وحـقــلَ التربية والتعليم؛ والصــور أعــلاه تدلّ عن كلامـــنا، نـوقِشـتْ في اللّـــقــاءِ عـــدّةُ مـواضــيـعَ نـذكـرُ منها على سبيـل التـمثيل لا الحـصر:

- دراسةُ حصيلـةِ الأسـدس الأول، أسبابُ التراجع والبحثُ عن الحلول (= المشاركون: أسـاتذة وإداريون ثم تـلامـيذ).

- جمعيةُ آباء وأولياء التلامـيذ ودورُهـا في بلورة مشـروع التنمية البشرية، جمعية أقاايغان نموذجـاً (= المشاركون: رئيسُ الجمعية وأميـنُـها ثم أسـاتذة وتـلاميذ).

- الـتأخّـــرُ الـدّراسي بيـن خـلل التعليم الابتدائي ومـخاض التعليم الإعـدادي (= مجموعة من الأساتذة مـن الـمسـتويَـيْـنِ معـاً وتلاميــذ وإداريّ واحـــد).

- خـطبـةُ يـوم الـجمـعة والـمدرسة، عـلاقـةُ انـفصال أم اتّـصال ..؟، أقاايغان نمـوذجـاً (= المشاركون: فقيه مسجـد أقاايغان + فقيه مسجد آخـر + أستاذ التربية الإسلامية وتــلاميـذ).

- ظــاهرةُ الانـقـطاع عـن الـدّراسـة (= المـشاركون: أسـتاذتان + حارس عام للخارجية + مجموعة من التلاميذ اشتغلت ميدانياً على ملف الانقـطاع).

- القـراءةُ الـحـرّةُ داخـل الـوسْـط الـمؤسَّـسَـاتي (= المشاركون: رئيسُ جمعية آبـاء وأولياء التـلاميذ + فقيه المسجد + القيِّمـان على الخزانتين، الجماعية والمدرسية ثم تلامـيذ).

أمـا خـلال السنة الـدّراسية: 2008م – 2009م، إضـافـةً إلى مشـرُوعَـيْ: " المقهى الثـقافي و نادي الـصِّحـافة"، المشار إليهما في أكثر من مقـالٍ أو تغطية، دأبَ الأسـتاذُ محمد بوشيخة على تـقديم حـلْـقةٍ نصف – شهـرية بعنـوان: "دائرة نقاش مفتوحـة"، يسيـرُها الأستاذ الفـاضل الحسين طالب، تـرمي إلى خلقِ ذاتٍ متعلمةٍ جـرّيئـة، قـادرة على طـرحِ السـؤال ومـباشرةِ كـلِّ الـمواضيع التربوية، الـمتعلقة بالمحيط أو المؤسسة أو أطراف العملية التربوية حـتى ..!؟.

يتفضّـل المتعلمون اقـتراحَ مـواضيـعَ وتقديمَـها لأحـد الأسـتاذَيْـن قبل الموعد بـأسبوع، ليتمّ اختيار أحـدِهـا والإخـبار عـنه في الأسبوع الثاني، ليلتقـوا في اليوم الـمحـدّد .. يبسُـطُ الـمنشّط المـوضوعَ من وجهة نظـره، مـدّةَ نصف ساعة تقريبـاً، ليفسـحَ المـسيّـرُ الـمجالَ للـمتعـلمات والمتعلمين، كما أمام الحاضرين من الأساتـذة، قصــد الإضـافة أوالسـؤال أومقـارنة القـول بـالوضع.

كـثُرتِ الـمواضيـعُ، وقِـيـسَ عـددُهـا بعـددِ ضِــعْــفِ شهـورِ السنـة الدراسية، إلاّ مـافـرَّ منـها بسببِ عـطلةٍ أو مـايُشبـهُ ذلك.

نعـرضُ، هنـا، مـوضوعَ إحـدى الـحَـلْـقات ليـتمَّ النظـر في طبيعة هـذا العـمل التنشيطي، والعمل عـلى تقـييمـه، وإنْ كـان يـومه جـهاز مكبّـر الصـوت غير جـاهز، فتقبّـل التسجيل بـما له وعليه، وحـتمـاً مغزى الموضوع سيصـلُـكَ.

مـوضوعُ هــذا اللـقـاء:

" الواجبُ الأخــلاقي ركيـــزة العـمل الـتربوي"

( حاولنا زرع تسجيل هذه الحلقة، كما أشرنـا لكـن سـعته لم تتح لنا ذلك، وحتى ننظر في إمـكانية أخرى نترك القارئ الكريم مع التغطية ..)

تحـية ثقـافية ..

محمد بوشيخة، كاتب من المغرب

الأربعاء، 18 نوفمبر 2009

إصــدار جديـد للناقد الـمغربي عبد العاطي الزياني


إصــدار جديـد للناقد الـمغربي عبد العاطي الزياني





أصدر الباحث الـدكتور عبد العاطي الزياني كتابـاً جديــداً بـعنوان : "السرد والـتأويل دراسات في الرواية والقصة"، عـــن مؤسسة: sud contact، نونبــر 2009م.

يسعى الكتاب إلى رصد الطفرة الإبداعية التي بات يشهدها السرد المغربي في مجال القصة والرواية، من خلال مجموعة من الأعمال الصادرة بيـن 1990م و2006م، أضيفت لها نصوص من ليبيـا.

فقد بدأ بتمهيد حصر فيه الـجَـهد الإبداعي للرواية المغربية وملامحها الفنية وصيغ كتابتها لتليه دراسات جمالية في متون سردية لأعلام جـدّوا في رفع سؤال الكتابة فوق الحدود الممكنة للسرد، وقد انتخب العملُ أعمالَ كل من إدريس بلمليح وأحمد التوفيق وعبد العزيز الراشدي و نجوى بنشتوان وإبراهيم الكوني.

وقـد كان سـعي الباحث في المقالات الأربـع في القسم الأول المتعلق بالرواية رصد صفة التجديد والتحديث رغبة في إيضاح طبيعة الطفرة السردية التي أدركتها الرواية المغربية، وهو إمكان فني مـسّ الكثير من الكتابات الروائية المغربية و أسهم في تبلوره مجموعة من الأقلام الروائية المغربية من الأجيال الثلاثة في المغرب الحديث.

أما في النصوص القصصية فقد بدأها بتمهيد يكشف فيه عن معالم النهضة القصصية بالمغرب، منذ بدايات التسعينيات والتي بشرت بميلاد كتابات جـدّت في رفع السؤال الفني للسرد القصصي، فقد ارتفعت وتيرة الإصدارات من جهة، كما قدم العديد من الأقلام أدبا قصصيا نوعيا، وتضاعف الاهتمام بها بظهور مجلات متخصصة وإصدار مؤلفات نقدية تتابع مغامراتها، وسجّـل المهتمون والعارفون بشأنها أن الأمر يتعلق بـمغامرة إبداعية امتلكت أدواتها عبر الانفتاح على الجديد في الثقافات المجاورة من جهة أخـرى، كمـا من الاجتهاد في اقتناص جوهر العملية الإبداعيــة. لينتخب باكورة جيل قصصي جديد له أسئلة فنية مختلفة ووعي حاد بشروطه السوسيـو - اقتصادية. هكذا كان عبد المجيد جحفة و عبد العزيز الراشدي وأحمد شكر وفاطمة بوزيان وياسين عدنان من أبـرز قصاصي المرحلة وكتابها الذين سعوا كغيرهم من مجاييلهم الكثر الذين يعدون بالعشرات لتطوير أدوات الكتابة. وقد كانت بواكيـرهم جميعا مبشرة بحساسية جدية وتجربة تمتلك شروط نضجها المستقبلي.

والجدير بالذكر أن الباحث أستاذ الثانوي التأهيل بنيابة زاكورة، حصّـل على دكتوراه الدولة في الآداب من جامعة محمد الخامس بالرباط، عن أطروحة بعنوان: "استراتيجيات التأويل في النقد العربي القديم، إشراف الدكتور محمد الدغمومي عام: 2004م ، كمـا أنه رئيـسُ تحـرير مجلة "الثقافة الجـنوبية" وعضو مؤسس لنـادي الهامش القصصي بـزاكورة، وكان قد أصدر كتابين سابقين هما:

- التراث النقدي والتأويل ظواهر وقضايا عن منشورات الثقافة الجنوبية 2009م.

- الماكرو تخييل في القصة القصيرة جدا منشورات مجلة مقاربات يناير 2009م.

ولـه تحت الـنشـر:

- أسئلة الهيرمينوطيقا والتأويل في الثقافة الغربية، منشورات وزارة الثقافـة.

- ظواهر نقدية في النقد العـربي القديم، منشورات الـمركز المغربي للطباعة والنشر.


الأحد، 8 نوفمبر 2009

أحــيانــاً يــلِــــــــــــدُ الـهامـــشُ مـاعــجِـزتْ عـنهُ الـمراكـــزُ ..!!














أحـيانـــا يَــلِـــدُ الــهامــشُ مـاعـجزت عــنه الــمركـــزُ.

كلما حان موعد المعارض الدولية في الأوطان العربية إلا وكُـشِف الغطاء عن حقيقة إنما تحتاج مَـن يتلفظ بها فقط، فهـي الواضحة وضوح الشمـس في عـزّ النهـار، الشعب العـربي قـوم لايقرأ، ونحن لانـريد أن نضيف القول الشائـع " وإن قـرأ لايـفهم"؛ لأنه أصلا وبدون مواربة لايقـرأ، التعـميم هنا لامحل له، فالحديث يخص السواد الأعظم وليس كل منتسب لهذ الوطـن الحبيب.

عُـقِدت نـدْواتٌ وكُتِبَت مقالات عن ذلك، وبَـيَّـنَت الصورة َ بشكـلٍ أوضـحَ المعارضُ التي تَتِـمّ، فالمعرضان الأخيران بتونسَ والمغـربِ وبعيداً عن التقارير السطحية، الرسمية وغير الرسمية، أظهـرا عـزوف المواطن العربي عن هذا الفعل؛ ولأن الحديث عن غلاء الأسعار ورداءة الإنتاج بات فعلاً هـو نفسه مميتاً، ومن ثَـمّ غاب الحديث عن دور الفاعل التربوي للخـروج أو بالأحرى لمزاحمة عدم القراءة بنوع من القراءة، فالمؤسسة التعليمية ومَـنْ يشتغلون فيها أولى بإعطاء الكتاب قيمةً ساميةً هو في الحقيقة يملكها بنفسه لنفسه.

إلى متى تظـلّ المؤسسة التعليمية حضانة تحتضن العقل ولاتنميه ..؟.

إلى متى يظل المربي بعيداً عن الهـمّ الإنساني؛ الذي لايمكن الإلمام بقضاياه والتشبع بالمبادئ التي تحققه إن لم نقارب الكتاب، نعم وإن لم نعمد مصاحبته وملازمته ..؟.

إلى متى يظل الكتاب مجرد أثاث تُـزيَّـن به المكتبات والبترنات ..؟

لماذا قلنا مـن قبلُ، لنكن بعيـدِين في حديثنا عن أزمة القراءة عن تلك الادعاءات المتداولة والمتكررة، التي ترمي بالمشكل في نهر غـلاء الأسعار؛ لأن الكلام هذا يعدو محـط نقاش أمام وجود المكتبات العمومية، والتي لايتعد الاشتراك فيها سنويا عشرة دراهـم.

لماذا لاتُـستغـل هذه المكتبات من قِـبَلِ المربين مع تلامذتهم متى كان الوعي بأهمية القراءة حاضراً ..!؟.

الأمـر إذن لايبعـد عـن ضرورة خلق هـذه الإرادة وحـقن هذا الوعـي لمـن وُكِّـلواْ زمام تربية ناشئتنا.

بـأقاايغـان -إقليم يبعـد عن طاطا المركز بـسبعين كيلومتراً = به ثانوية المسيرة الإعدادية- هيأ الأستاذ محمد بوشيخـة مع تلامذته مشروعاً ارتأوا من خلاله تحقيق فعل القراءة، أسموه بـ"الثقافة المكتبية"، ضِمنَـهُ يلتقـون مرة في الأسبـوع ليناقشوا كتباً، عددها أربعة، تُـقرَأُ من قِبَـلِ أربعة تلاميذ، ولتبيان أهداف المشروع وغاياته ننظر في التقديم الذي خُـصّ بـه:

{"الثقافة المكتبية" مشروع نبتغي من ورائه تحقيق غايات تجعل من المتعلم: محبـاً للمكتبة، عاشقـاً للقراءة، راغبـاً في الكتابة، جاعـلاً من العمل الجماعي قاعـدة لإرساء كل مشروع مجتمعي، وطني .. نهضوي ..}.

والدفـترُ التتبعيُّ الذي يوضح الأمـر تظهـر صورته رفقتـه (ملف الثقافة المكتبية).

تبـيّن من خلال مواكبة العمل أن الإرادةَ الحقيقيـةَ وحبَّ الفعل كفيلان بـجعل المتعلم ضمن الاستثناء حاليا؛ أي من الفئة القارئة، ومتى نأمل من المؤسسة التعليمية خيراً إن لم تفطن لهذا الأمـر، والمشروع هذا لم يكن وحـيداً كـما علمنا ضمن مادة "متابعات" - "جريدة المنعطف"؛ حيث إن الأستاذة المديرة بالثانوية الإعدادية النصـر التابعة لنيابة أنفا أعلنت خلال اللقاء المنظم عن "لماذا لايقرأ التلاميذ ؟"، والذي كان من حضوره مبدعنا الكبير أحمد بوزفور والباحث المؤلف محمد رقيد، قلت أعلنت عن تأسيس مشتل للقراءة والكتابة بالثانوية الإعدادية لفائدة التلاميذ، محدِّدَةً موعداً تنظيمياً قبل العطلة الصيفية[1].

الذي نبغي لفت الانتباه إليه هـو أن هذا الفعل البسيط؛ الذي لاتظـهر مزاياه إلا لمن أشرف عليه ولمن واكب جل لقاءاته[2] هـو أن الفئة المستهدفة حققت قُـدْرَاتٍ عاليةً تستحق الالتفات، نذكـرمنها:

- قـدرةٌ على النـقاش والجدال البَنَّاء.

- قـدرةٌ على المواجهة وبِناءِ السـؤال.

- فتنةُ النَّقـدِ وممارسةُ منهجِ الشـكِّ.

كل تلك النقط لاتعـدو جديدة عن الحقل التربوي، لكن تبدو أبعد عن الممارسة والتطبيق، ألم يصـدر الأستاذ عبد المجيد الانتصاركتاباً عَنْـوَنَهُ بـ: "التربية على حقوق الطفل في الوسط المدرسي"، وضَمّـنَهُ حقوقاً تتساوق وتلك التي حددنا، إلا أن دار لقمان على عهدها، لاقـراءة ولاوعـي بالمشكل حتـى..!.

مشـروع الثقافة المكتبية يُـنجَـزُ في فضاء مكتبة الجماعة المحلية، حتى لانبقى حبيسِي ضرورة تهيـئ مكتبات داخل أسـوار المؤسسات التعليمية، هذا مطلبٌ معقـولٌ، لكن متـى لم يتوفـر لايجب تربيع الأيدي وقـولُ: "اُوكَانْ بْغَـاوْنا نْـقرَاوْ اُوكَـانْ هْـيْـأُو لِينا مكتباتْ مدرسيه"، دائما نحن نؤمن بقاعدة عدم التعويل على جـهةٍ فـي الوقت الذي لايعني ذلك التوقف عن مطالبة المسؤولين.

أولا: لترسيخ قاعدة العمل الجماعي عمل أعضاء هذا المشروع إلى جانب المشرف عليه على تنظيف فضاء الخزانة الجماعية وإعادة تنظيم الكتب في الرفوف لحظة إشراف السنة على نهايتها، إيماناً منهم بضرورة وضع اليد في اليد للسير قُـدُماً في كل مشاريع المجتمع، فلا ضرورة للقول إن المكتبةَ جماعيةٌ ومِـنْ ثَـمَّ فتلك المؤسسة هي المسؤولة عن تنظيفها وتنظيمها، هذا في الوقت الذي حققنا من خلال هذا الفعل أهـداف كثيرة منهـا:

- القدرةُ على فرز الكتب وتصنيفِها حسْبَ الحقول (أدبية / فكرية / علمية / ...).

- القدرةُ على تنظيم الكتب في الـرفـوف.

- التشـبّعُ بمبدأ التشاور والتفاهم في أمـور تخـص التنظيم المكتباتي.

- إحسـاسُ المتعلمِ بأنه مواطن مشارك في أعمال مجتمعية.

- نكرانُ الذات وخدمةُ الآخرين من خلال تحسين ظروف الفضاء؛ الذي هو ملكٌ للجميع.

(اُنظر بُـعيضَ الصور الدالـة، المُـلتَقَطَة يـوم حملة التنظيف والتنتظيم)

هـذا في الوقت الذي كـان العمل الجماعي رفيقنا منذ البدء؛ إذ إلى جانب قـراءة الكتب نهيء مجلة أسميناها: "الملف الصِّحفي"، يشتغل وفقها التلاميذ على ملفات تمكنهم مـن اكتساب بعض ميكانيزمات العمل الصِّحفي، ركـزنا خلال هذه السنة على أربعة ملفات فـي شكل مجمـوعات:

- ظـاهرةُ الانقطاع عـن الدراسة.

- ظـاهرةُ الـطـلاق.

- ظاهـرةُ الخـربشة داخل أسوار المؤسسة.

- ظـاهرةُ أحـواش (فـن يُمارس في بلدة أقـاايغان).

ماأظهر تفوق هذه الفئة من المتعلمين هو استباقها لمواضيعَ جديدةٍ داخل إقليم طاطا، في الوقت الذي عمدت فيه الوزارة الوصية طلب المؤسسات التعليمية تهيئ مشروعٍ يخص التسرب الدراسي، فما كان من إدارتنا في شخص رئيسها إلا أن استدعت المجموعة المشتغلة على ظـاهرة "الانقطاع عن الدراسة" لحضور اللقاء الترتيبـي، ضمن مجلس التـدبير، لهذا الأمـر، فحضر أفراد المجموعة إلى جانب المشرف عليهم وناقشوا وأدلواْ بدلوهـم في الموضوع؛ الذي اشتغلواْ عليه لمدة طويلة وهـيأوا ملفا ضخماً يتوفر على أكثـر من خمسين استمارة، متنقلين عند المنقطعين، محاوِرِين إيّـاهم، ومحاولين فَكْفَكَـةَ مشكـلِ انقطاعهـم.

ثانيا: رواد وزائـرو المكتبة (أصحاب مشروع "الثقافة المكتبية") احتفـوا بنهاية السنة، احتفاءٌ حـضره مدير ثانوية المسيرة الإعدادية لحسن أنجبـور (لأن المشروع من منبِت هذه المؤسسة، ولون من أنشطتها .. فالأستاذ المشرف والتلاميذ كلُّـهم ينتمون لتلك المؤسسة) وثـمَّـنَـه وشـدَّ على يد الأستاذ المشرف، مُـعرِباً في الوقت نفسِه عـن ارتياحه للأهداف التي انتهى إليها المشروع[3].

إلى جانب السيد المدير حضر بعض موظفي الجماعة المحلية وبعض الأساتذة (ادريس عرباوي؛ أستاذا للتربية البدنية والرياضة و خالد المقدم؛ أستاذا للفنون التشكيلية و عبد العزيز الرمزاوي؛ مقتصداً و الحسين طالب؛ حارساَ عاماً للداخلية) وآخـرون (من جمعيات محلية ومن ساكـني المنطقة) .. الكـلُّ تقريباً تحدّثَ وأكـد على ضرورة متابعة العمل واستمراريته، في الوقت الذي يشهد المغرب وتشهد المؤسسات التعليمية عزوفاً عن القراءة، التلاميذ أبدواْ بدورهم شغفـاً في مواصلة المشروع خلال الموسم المقبل، هذا وشكـرواْ الأستاذ الذي ضـحّى بوقته وجَـهْدِهِ من أجل تحقيق تنميةٍ ثقافيـةٍ في زمـكان هـامشيَيْن.

(اُنظر بـعضَ الصور الدالـة، المُـلتَقَطَة يـوم حفلة الشاي الختامية = التـاريخ: 30 ماي 2008م، الزمـن: بُـعيد السادسة مساءً، المـكان: فضاء مكتبة الجماعة المحلية)

هذا بعـضٌ من أشياءَ كـثيرةٍ قام بها أفـرادُ مشـروعِ "الثقافة المكتبية"، إلا أنَّ ماتبقى الإشارة إليه هـو أن كلّ مـاذُكِـر ومالم يُـذكَـر يبرهـن عـن كوننا أمام تلاميذ أظهـروا قدرةً على المشـاركة في أيِّ عملٍ أو مشروعٍ مجتمعيٍّ، وطنيٍّ، نهضويٍّ.

............................................

الهــامــش:

*- عنوانٌ مصوغٌ مـن كـلام أحمد بوزفـور خلال الأيام التي نظمها الهامش القصصي بزاكورة (مارس 2001م)، = ورد ضمن مجلة الثقافـة الجنوبية، العدد الأول، أكتوبر: 2006م، ص: 03 "وقد كانت الأيام القصصية الأولى للنادي محطة تأسيسية للعمل، برهن من خلالها على قدراته التنظيمية الجيدة والمحكمة، حيث شارك في هذه الأيام (مارس 2001م) كاتب من بين أهم الأصوات الحاضرة على الساحة العربية، أحمد بوزفور .. هذا الذي استحسن فكرة تأسيس إطار أدبي يهتم بجنس نخبوي بمدينة بعيدة وصغيرة كزاكورة، لكن أكـد على أهمية الهوامش فـي ظل غياب المراكـز".

[1]- صفية أكطاي ضمن عتبـة " متابعات" = المنعطف الثقافي، عدد:202، تاريخ: 07 / 08 يونيو 2008م، نشير أن مثل هذا المشروع قد يشكل استثناءً في فضاء المدينة؛ لأن الكلَّ مشغولٌ ولاتهمه مثل هذه الأشياء إلا من رحم ربنا كتربويي هذه المؤسسة المذكورة، هذا إن رأى المشروع النور ولم يبق مجرد إعلان.

[2]- تحية خالصة للأسـتاذ: ادريس عـرباوي (أستاذ التربية البدنية والرياضة بنفس المؤسسة)؛ الذي واكب لقاءات مشروع الثقافة المكتبية وشارك في نقاشاتها.

[3]- لدينا مقطع صوتـي يتضمن كلمتين، الأولـى: للأستاذ محمد بوشيخة (المشرف)؛ عـرّف فيها بالمشروع وطريقة الاشتغال فيه؛ مـارّاً مستعجِلاً بالحديث عن أزمة فعل القراءة في المغرب خاصةً وفي الدول العربية عامةً، مرحباً بالحضور الكريم الذي شارك التلاميذ حفلتهم .. الثانيـة: للسيد المدير، وهي المتحدَّث عنها في الموضوع الذي أفرز هذا الهامش = (اٌنظـر الملف رفقـته).


محمد بوشيخة، كاتب من المغرب

زاكـورة فـي: 18 يوليوز 2008م

الأحد، 30 أغسطس 2009

القــــاص والـــــناقــد الـــمغربي محمد بوشيخة ... فـي ضــيافة المقــهى ؟؟ - حوار أجرتـه معي الكاتبة المبدعة فاطمة الزهراء المرابط





  • - مَـنْ هــو محمد بوشيخة ..؟.

    صِـدقـاً مازلتُ أبحثُ عـن أنَـايَ، خـاصّةَ في علاقة الفكـر (= مايسكُننا من أفكارَ) بالفعل؛ الصديق الملتحي يراني على مقاس توجُّهـه، والزميل اليساري عـادة مايناديني بـ: "الرفيـق"، بناءً على نقاشٍ مـا، مع ماتحملُـهُ الكلمة من دِلالـةٍ في أوساطنا الجامعية، وصنفٌ آخـرُ يرى أنّـني جابـريُ - محمد عابد الجابري- التوجّهِ، وهذا أكثـرُ ..!.
    الأمرُ لاعلاقـة له بتـعدّد الأوجه، إنما تطـبّعُ الناس على التصنيف والفرز بين بني البشر، وهنا تحضُـرُنـي حكاية غريبةٌ مع أحدِ الملتحِيـن، ونحن نناقشُ في إحـدى المقاهي موضـوعـاً ما، ولأنه يُـكثِرُ دليلاً "قال شيخُـنا"، وأعودُ بـه إلى مايُعاكسُ ذلك فلسفـةً، دون أن أمنَـعَـهُ مرجِعَـهُ، أجـدُهُ يقـولُ لـي "لاتستدل لي بفيلسوف ..!"، علمـاً أنّ هـناك فلسفةً إسلاميةً، وابنُ رشـدَ رائدُهـا، فمـا كان مـنّي إلاّ أن قلتُ مردّداً مع الجـابري: "لماذا لانأخذ الحكمةَ ولو من الشيطان"، دون ردّ منـهُ أقفَـلَ الموضوع غير متقـبِّـلٍ نقاشي مرة أخرى .. من جانبٍ آخر وأنا أقدّم ورقـةً ذات لقاءٍ عــن: "أخلاقيات المربي – الأستاذ"، بسطتُ خلالها تصرّفاتٍ تعتري جسـدَ المربي اليوم، واقـفاً عند عـوْراتِـه (= كما ورد في مقال منشور لي ضمن جريدة المنعطف الثقافي)، بمجرد إنهاء اللقاء أجدُ طابوراً من زمـلاء (= زملاء ..!) في العمل يتـهمونني بأنّـي أزرعُ فـتـنةً تجعـلُ المتعلمَ لايـحـترمُ أستـاذَهُ، وأنّـي إنْ أردتُ الأخلاقَ فيجبُ أن أتـلـمّسَ ذلك في الـمسجدِ.
    لننظر إذن المفارقـةَ ..!، المشكـلُ يكمـنُ في أنّ كثيراً من الناس - للأسف- مازالوا يؤمنـون بقاعدة " إمّـا مـعي أو ضدي".
    يبقـى أنّـي ماأعرفُـهُ عـن محمد بوشيخة هو أنه حيـوانٌ يقـرأُ دومـاً، يكتبُ أيَّ شـيءٍ عن أيِّ شـيءٍ، دون ظـنّ منـهُ يـومـاً أنـه يستحقّ صفـةَ "كـاتـب" .. السؤالُ يظـلّ فتـنتـهُ، والبحثُ عن حقيقةٍ ضائعةٍ ديدنـهُ، والسعيُ وراءَ ترشيـدِ المتعلم على الاختلاف المحمود غايـتهُ، أمـا العزلـةُ فهـي صديقـتُـهُ الـمفضّلَـةُ.
    ميكانيكياً، من زاكورة مـولدُهُ، وبين صفوف المتعلمين يقـضي معظَـمَ أوقاتِـهِ، درساً وتنشيطـاً.


    2 ـ كيـف تورّطـتَ في عالـم الكتابـة ..؟.

    بدايـةً كنتُ أُخَـربِـشُ بعـضَ الكلمات في أوراقَ يتيمـةٍ، أتّخـذُ من مـطَـبّات حياتي موضوعاً لها، ولأنّ الوحدةَ / العزلةَ شارَكَتْـني بداياتي (= سنوات الإعدادي) لاأجدُ مـخرَجـاً يُـبْـعدُني عن التأمّـل والتفكـير، صغيراً كنتُ أتأمّـلُ النجومَ في الظّـلامِ الدّامس، شـابّـاً يافـعاً بـتُّ أمـارسُ الـشكّ في كـلّ الأشياء المحيطة بـي .. المذكراتُ مدرستي الأولى التي تقـبّـلتني حافي القدمَـيْن، أخـطّ وأكتبُ، فقط لأنّـي أريـدُ أن أسـجّـلَ، مع توالي الزمـان واكتساب تجربة الكتابة، بتنوع المقروء، مع كثرتـه طبعـاً، وجـدتُـني مع نصوص، صِبغـتُـها اليومية ولـونُـها ينحـو منحـى اللغة الإبداعية (= نـبّـهني للمستوى الإبداعي الذي تـمتلِـكُـهُ مذكراتي/ رسالاتي الدكتور الناقد عبد العاطي الزياني، وإليه يرجع الفضل الكبير في تشكيـلي، فمن مكتبتِـهِ النّـفيسةِ تشـرَّبتُ الكثيرَ من العلـوم، ومن توجيهاته السديدة وجـدْتُـني قـادراً على الكتابـةِ دون سابق إعـلان.
    والأيام تـمُـرُّ لأجـدَ بحـوزتي مئات المذكرات، تتجاوز الواحدةُ أحياناً أربـعَ صَـفْـحاتٍ، وبالعودةِ إليها مـرّةً تلو الأخـرى أدركُ أنّ الكتـابةَ ليست فقط موهـبةً، بقدر ماهـي، إضافة إلى ذلك، مِـراسٌ ودُربـةٌ ثـم صَـنْـعَـةٌ.
    حُـبّاً في التفكيـر غير المحدود، وعِشقـاً في السـؤال المشـاكِـس، بداية الجامعة، وأنـا المتـوجّـهُ توجّهـاً أدبياً (= اللغة العربية وآدابها)، سرقتنـي كتبُ المفكر المغربي الكبير محمد عابد الجابري، فانكببتُ عليهـا واحداً تلو الآخـر، والفضلُ كذلك لاغرو يرجـعُ إلى مكتوبِـهِ في جعل اللغة التي أكتبُ بها معجونة بدقيق يـمـزجُ بين الكلمة الفنية والكلمة الفلسفية، أمـرٌ لايعنـي أن كـلَّ كلمةٍ فنية هـي غيرُ فلسفية، والفلسفية بعيدة عن الفنية.
    ولأنـي على الشكل الذي رسمـتُهُ آنفـاً، مُـظهِـراً البدايات، وكيفية التيه في هذا العالم السّحري، عالم الكتابة، أبـخَسُ فعـلَ التخـصُّصِ؛ الذي يقـتُـلُ الذات ولا ينمِّـيهـا، فالمبدعُ أصـلاً هـو مَـنْ يتـشـرَّبُ من معين كـلِّ العلـوم، حتى إذا كتبَ أجـادَ، وإذا تحدّثَ أصـابَ ..
    وأنا أتحدثُ عن البداية، وحيثُ شغـبي بالعلم يوازيه شغبي بطرحِ السـؤال، أيّـام الجامعة، السنـة الأولـى، أشار لـي أحـدُ أسـاتذتي (= الأستاذ الفاضل الدكّـالي)، لـمّا كنتُ أنـاقشُـهُ بضرورة التوجّـه فلسفيـاً لاأدبيـاً، هذا ونـبّهـني الأستاذ الفاضـلُ صالح أزوكاي، السنة الثالثة جامعة، للروح النقدية التي أمتلكُـها، قائلاً لـي بالحرف: " أتوسّـمُ فيك ناقـداً إذا مـازِدتَ العمـلَ بالبحث العلمي الرّصين".
    هـاتان الشهادتان وغيرهما كثيـرٌ من شهادات أسـاتذتي، خلال المسيرة التعلّـمية، تظل تشاكسُني وتُـمـزِّقنـي حتى وجـدتُـني على الشكلِ الذي أرسـمُـهُ الآن – بدافعٍ مـنكِ أستاذتي – ضمن لوْحـاتِـكِ الفنية، أقصـدُ حواراتِـك البهـيَّـة.


    3 ـ كيف تقيم وضعية النقد في المغرب .. ؟ وهل الدراسات النقدية تساهم في الدفع بالمبـدع إلى الأمـام .. ؟.

    أوّلاً، وتوضيحـاً لبعض حفـريات السؤال فالنقد هـو كـلّ ماأنتجـهُ الفكـرُ في أبعاده الابستيمولوجية، كما أنّ الإبداعَ لايقتصـرُ على الأجـناس: قصة، مسرح، رواية، شعر، ...، إنّـما يمكن ملامسـة فعل "أبدع" ونحن إزاء نصّ نقديّ.
    بلون آخـر، هـل هناك حدودٌ وتمـفصـلاتٌ بين مـانسميه نقـداً وماننعتـهُ إبداعـاً ..؟؟، للتوضيح أكثر، حيث بالمثال تظـهرُ المـعالِـمُ، مايكـتُـبُـهُ المفكر المغربي محمد عابد الجابري أليس إبداعـاً إلى جانب كونه نقـداً ..؟، ومتى كـنّا مـع مـايُـماثـلُ منتـوجَـهُ رؤيـةً وتَـشَكُّـلاً، كـلّ إنتاجه إذن يعدّ ذخـائـرَ مـن بناتِـه شـرعـاً، فهـو مبـدعُها ، أمّـا صِـبغـتُها النقدية فأمـرٌ متّفق عليه وبـادٍ بنفسـه، من صياغة العناوين: (= مشروع نقد العقل العربي / مدخل إلى فلسفة العلوم/ من أجل رؤية تقدمية لبعض مشكلاتنا الفكرية والتربوية/ الخطاب العربي المعاصر/ إشكاليات الفكر العربي المعاصر/ مدخل إلى القرآن الكريم/ فهم القرآن الكريم/ ...)، إلى ماتـحتويه كلّ تلك الكتب.
    ثانياً، إذا كـانت الصـورة على النحو الذي سبقَ، فإنّ النقد في المغرب كان ومايزال يعيشُ تمـزّقاتٍ كثيرةً، فِـكـراً مَـنْ أنتجـوا نقداً، مستنطِـقين بذلك نصوصاً رصينة، قديمة وجديدة، يعدّون على رؤوس الأصـابع في المغرب.
    أمّـا النقد الأدبي فـمُنعرجاتُـهُ واضحة لكلّ متتـبّعٍ؛ إذ تتحـكّمُ فيه مجمـوعة مـن الإواليات والخلفيات التي لاتبـعُـدُ عـن: "القطيعة الـزمنية" و "الإخوانيات" و "الانتماء المـؤسّسـاتي" وأمور أخرى كثيرة ..!!.
    القطيعةُ الزمنيةُ، وبعيـداً عن ذكر الأسمـاء الـمُسْهِمة في ذلك، قـلّما تـجدُ ناقـداً مغربياً له باعٌ طويلٌ في المجال يهتم بمنتـوجِ الشباب المبدع، لِـمَ لهذا الأخيـر من امتداد ورصانة إبداعية، حتى ظللنا نعاينُ دراساتٍ نقديةً عن نفس الأسماء، بل وعن عناوين ذاتها، وإن كانت تفتقد لأدنى شروط الإبداعية ..!!.
    قطـيعةٌ جسّـدتِ البُـعدَ الإخـواني في الكتابة النقدية، ثم زادت في بروزه حتى بِـتنا أمام أسـماءَ تتـكرّرُ رغم رداءة نصوصِها، فقط لعلاقـاتها وانتمـاءاتها، والدراسة لأجل الكشف آتية لامحالة، خاصّة على ملحقات ثقافية. يـخـوّلُ المشرفون عليها لأنفـسهم سلطةً ثقافيةً، لاندري من أين لهم بها ..!!.
    تلك أمـورٌ وغيرُهـا كثيـرٌ تستدعي مساءلة المؤسسة الثقافية، لِـمَ لها من دورٍ فعّـال في خلقِ دائرةٍ منـارُهـا النصُّ الجـيّدُ والفكـرُ الـمتنـوّرُ، والكلام عن المؤسسة لايعني ذات الصبغة القانونية وفقط، إنما يشمل حتى المجلاّت والملاحق الثقافية، التي تُسْـهِـمُ بشكل مباشر أو غير مباشر في تشكيل وتشكُّل القارئ، والمواظبُ على متابعة هذه الأخيرة يفـطِـنُ بسرعة لتـوغُّـلِها في كـلّ ماأشرنا إليه سابقاً، لدرجةٍ يحصلُ مع القارئ نـوعٌ من المـلَلِ لـتَـكرار الأسـماء، وهو غيـرُ جاهـلٍ بنيّة الـمشرفين وسعيهم فـرض وجوهٍ والإحـجام على أخـرى، علـماً أنـه ليس كلّ قائم على شأن الاختيار والإشراف أهـلاً لذلك، ويبدو أنه يمارس نـقداً على النصوص أو بالأصح على الشخوص.
    إنها الوضعية أستاذتي – بشكل عـام -، وما قيل لايعدو كـونه مجـرّد رأيِ متـتـبّع ومشتغل في الميدان، أما عن كون الدراسات النقدية تدفـعُ بالمبدع إلى الأمـام، فيكفيها أولاً أن تدفـعَ بنفسها، وتخرج من تلك الدروب الضيّـقة، وتنـزعَ عنها ثيـاب "مـدّني زميلي بكتابه إذن سأردّ له الجميل بمقالٍ عنه..!"، "هذا أستاذي يدرّسُـني، فلماذا لاأكتب عنـه مقالا فقد أحتاجـه غـداً ..!"، بالمقـابل، لـماذا لاأكلف طلبتي بإنجاز بحـوثهم عن هذه الكتُـبِ التي أعرف أصحابَـها ..!؟، لـنظـلّ - للأسـف- نراوح دوائرنا دون تقديم أعمال عن كتبٍ تستحق ذلك ..!؟.


    4 ـ ماهـي طبيعة المقاهي في زاكورة وطاطا ..؟، وهل هناك مقاهي ثقافيـة ..؟.

    زاكـورة كباقي المدن المغربية؛ من حيث لـونُ مقاهيها، فضغـطُ الزّمـن والجريُ وراء كسب العيش يظلان المخيمان على معظم رواد المقهى، هذا بمنأى الحديث عن التمـزّقات التي شهـدها ومازال الجسد الثقافي المغربي في مجمـله حتى بات حاملُ صفتـها يُـلقّبُ بـ: "مـاعـنْدو مايـدّار"، والحالُ أنّـه الاستثناء الذي يُـعـوّلُ عـليه أمام شبح العولمة، وفي ظـلّ الهـوّةِ التي تفصل بين أبناء الوطن الواحد، هذا دون أن نـحدّدَ أيّ مثقفٍ نقـصِـدُ ..!؟؛ لأنّ هـذا سؤال آخـر، يحتاج مـنّا نـوعـاً من الصّـراحة الممزوجةِ بالمرارة ..!.
    عن المقهى الثقافي بـزاكورة، ولأنّـي لستُ دائـمَ الحضور هـناك وإن كنتُ من أبنائهـا، أنقُلُ مـاأعرفُـهُ من خلال التواصل مع الكتّاب الزملاء (= أستاذي الناقد عبد العاطي الزياني خـاصّةً)؛ إذْ يسعـون إلى خلقِ ذلك، منطـلِقين من أهـداف "نادي الهامش القصصي"، وسعيـاً نحـو توسعة النشاط الثقافي بالمنطقة.
    بـطاطا، وخلال الخمس سنوات الماضية التي قضّـيتُـهـا فيها، سعيتُ ومجموعةً من الكتّاب تأسيس ذلك، وحيثُ بُـعـدُ المسافـة بيننا، يبلغُ أحياناً سبعين كيلومتراً تـعذّرَ الأمرُ، إلى جانب عـددنـا الضئيل، لذلك لم أجد بُـدّاً من تأسيس وتفعيل مقهـى ثقافي بالمنطقة التي أشتغلُ بهـا – أقاايغان، مركز تابع لإقليم طاطا، هامشُ الهامش كما يحلو لأحد الكتاب الزملاء تسميتَـه -، لكن يبقى أن غيابَ فضاء بمواصفاتٍ تليقُ بالعمل الثقافي جعلنا نختارُ مكتبة الجماعة المحلية، لتـوفُّـرها على كتُـبٍ مساعِـدةٍ على الفعل الثقافي، إضافةً إلى الأفْضيـة السّـامحة بذلك، مع الإبقاء على الإسم - المقهى الثقافي -، دون أن أحدّث القارئ الكريم تفصيـلاً عـمّا خـلّفهُ هذا الأخير من ردود أفعال، خاصّـةً مـن قِـبَـلِ العنصر النسوي، فكانت أولـى ورقـاته: "المقهى والإبداع، أيّ عـلاقـة ..؟"، نقـاشٌ خـلّفَ تشـنّجاً مـن قِبَلِ أطراف ذهـبْنَ إلى حـدّ الـمطـالبة بتغييـر الإسـم، ولـمّا لم يحصل ذلك فضّـلنَ الانسـحاب ..!.
    أمّـا الذين تحـفّظـواْ منـذ البداية فـحدِّث ولاحرج، بدوافع حتـماً غير بريئـة ..!، هـذا فضلاً عـن كـون الكثيرين أصلاً هـم أعـداءُ للـثقـافة، ويهـابُـون السـؤال، بل ويخشون الاخـتلاف، غير أنّـه في المقابل شـهد المقهـى من طرف مهتـمّين وعـاشقين منذ بدايته حتى الآن اهتمـاماً محمـوداً، وانضباطـاً جـعلا منه منبـراً لـقيَ صيـتاً رائعـاً، وذلك من خلال أنشطته المتنوعة، وخلقه قناة تواصلٍ تجمعُ بين الكـتّاب وأبناء الـمنطقة.
    فقد استضاف باسمه إلى حدود الساعة كاتـبيْن لهمـا تجربة رصينة، كلّ في الجنس الذي يكتب فيـه: (= الشاعـر البيضاوي رشيد الخديري، تاريخ: 12 يناير 2009م، لتوقيع ديوانـه: "حدائق زارا"، ثم الروائي الجنوبي عبد العزيز الراشدي، تاريخ: 16 مـارس 2009م، لتوقيع روايته: "بدو على الحافة")، ويـهيء لاستقبال آخـرين، من شتى فروع العلـم والمعرفـة، ومن مـدن مختلفة.


    5 ـ ما الـدور الذي يلعبه فضاء المقهـى في حياة الإنسان والمبدع بشكل خـاص ..؟.

    الحديث عن المقهى في علاقته بالمبدع، أو دورُهُ في حياة المبدع، هو حديثٌ من وجه آخر عن طقوس الكتـابة، ولا أعتقد أنّـه من الحتـمي على كـلّ كاتـب أن يحتضنه هذا الفضاء لـيتـولّـدَ لديه النصّ، أما وهنالك مَـنْ لايحضُـرُهُ جنّـيُّ الكتابة إلاّ في ذاك المكان فأمـرٌ واردٌ طبعـاً، مع مالذلك من اختلافٍ في كيفية التقاط وتوليد فكرة النص.
    الإنـسان العادي يظـلّ المقهى عنده ملجـأً لتزجيـة الوقت والالتقاء بزملاءَ يتقاطعون جميعهم خـاصية "مَـكَـانْ مَـايْـدّارْ"، ويشربون بذلك السجائر، ويحتسون أعراض الناس، مـشرّحين في الوقت ذاته كـلّ جـسدٍ مـرّ أمـام أعـيُنهم، متذاكـرين قصصـاً باليـةً، نـاسين أن زمـنَهم يذُمُّهم، والكراسي المحتضنة مـؤخراتهم تـسخَـرُ منهم، إذْ مـلّتْ وهم لم يـملّـواْ ..!!.
    بهذا اللون نُـعايِـنُ المقهى عند هذه الفئة، لكن أحيانا عند أناس قليلـين جدّاً يشكّـلُ فضـاءً للتواصلِ وتبادلِ التجارب المرتبطة بالحياة اليومية.
    أخيراً بخصوص هذه النقطة، فإنّ الصورةَ التي تربطُ الإنسـانَ عـامةً والمبدع خـاصّةً بالمقهى تَتَشكّـلُ وَفْـقَ الثقافـة التي يمتلكها كلٌّ منّـا، بنـاءً على ذلك يرتسِـمُ الدورُ الذي يمكن أن يلعـبَـهُ الفضاءُ في حياة هـذا أوذاك.


    6 ـ هـل يمكن اعتبار المقهى مكانـاً ملائمـاً لطقوس الكتابة ..؟، وهل لهذا الفضاء حضـور في نصوص الـمبـدع محمد بوشيخة .. ؟.

    أوّلاً، أسـجّلُ وجودَ تداخُـلٍ بين هذا السؤال والذي قبـلَهُ، لكن لابأس في ذلك، ليضيفَ هذا ماغاب عـنّـا في الأول.
    قـد يكون المقهى سِـحراً لابـدّ منه لإنـجاب النص عند بعض الكـتّاب، ويعدو مجرّد مكان عـادٍ عند آخـرين. مع الطرف الأول يمكن تشبيه ذلك بطقوس المتصوّفـة، فلِيَحـصُلَ التماهي والانصهار في واقع آخـر، يبدو غير مرئي يحتاج المنخرطُ دَمـاً ولَـحْماً لظـروفٍ تـؤهّـلُـهُ لذلك، وحسبي بالمسألة لاتبعُـدُ عـن الألفـة والاعتـياد.
    الطرف الثاني كتابتُـهُ للنص لاتُـجبره تـواجُـداً في المقهى، أمـرٌ يعني في المـقابل أنّـهُ يعيش عـلاقـةً حميميةً مع مكان من نوعٍ آخـر؛ إذ لاأظـنُّ كـاتباً بغير طقـوسٍ للكتابـة، والحديثُ عن المكـان هنا لايعني – أيضاً – إلـزامـاً ذاك المتـعارَفُ عليه، فقد نصـنعُ مكـانـاً وهـميـاً - نعيشُ فيه لوحدنـا لحظـةَ الإبداع – بتمـادينا في شربِ الخمـر مـثلاً.
    علاقتي بالمقهى وارتباط ذلك بنصوصي، لستُ مضطـرّاً للـتّـواجد فيه لـيحضُرنـي النصُّ، لكنه قد يفـاجِـئُـني سِـحـرُ الكتابة وأنا هنـاك، وكثيراً من النصوص، خاصّـةً القصصية، تـولّدتْ لـديَّ وأنا تـائـهٌ فـي بعض مقاهـي المحطّـات الطرقية (= أكاديـر/ انزكان/ مراكش/ البيضاء/ ورزازات/ ...).
    تعلمين أستاذتي وإن كنتُ أكتبُ القصّـةَ، فأنا أكثَـرُ انجرافـاً مع كتابة النص النقدي، هذا الذي لاأظنّـهُ ينسُـجُ عـلاقةً وديـةً مع فضاء المقهى، لاأقصـدُ المـقالة بشتّى أنواعهـا، إنما أرمي بحديثي - مثلاً – تقديم أطروحةٍ نقدية، بنـاءً على تـصوّرٍ معين، الأمـر الذي يقتضي من الباحث الناقد مجاورةَ مكتبته ومشاكسةَ مجموعة من المصادر والمراجع.

  • 7 ـ مـاذا يـمثّـل لـك: الوطـن، القلـم، التواصـل ..؟

    الوطـن: يبقـى غـاليـاً وعزيـزاً، وإن أسـاءَ إليه الـمتعصّبون، الشـواذ، والسياسويون، ثـم الكثيرون مـمّن وضعُـوا ويضعـوا للانتمـاء إليه درجـاتٍ ورُتَـباً.

    القلـم: الصّـديقُ الـوفِـيُّ لـمَنْ أحـبَّ الكلـمةَ الحرّةَ، العـدوُّ الشّـرِسُ لـمَنْ يهـابُـها ..!!.

    التواصل: عملـةٌ نـادرةٌ لـم يُـحسنِ الإنسانُ استخدامَـها ..


    8 ـ كيف تتصـور مقهـى ثقافيـاً نموذجيـاً ..؟.

    أوّلاً، تَصَـوُّرُ مقهى ثقـافي نموذجي يقتضي معـاينةَ مثقّفيـنَ بنفس الصّفـة.
    ثانياً، إِنْ كـان ولابُـدّ من ذلك، فـإنّـي أعـتبرُ فضـاءً تجـمعُ بين معتمريـه الكلـمةُ الحـرّةُ، وتدارس قضايا المجتمع ثقافياً؛ لأجل المساهـمةِ في الدّفع بها إلى الأمـام، مقهى ثقـافيـاً نـموذجياً.

    تحيـة عالية للمبدعة المختلفة الأصيليّة فاطمة الزهراء المـرابط.